التخطي إلى المحتوى

علاج فيروس كورونا بادرة انفراج لعلاج الفيروس الذي ازعج العالم

يسعى العلماء في جميع أنحاء العالم الآن، بجهود حثيثة للتعرف على ذلك الفيروس ومحاولة التوصل إلى علاجات فعالة تجاهه، ولكن حتى الآن لا يوجد دواء معين مرخص ولكن وكالة “أنسا” الإيطالية تقول : الدواء جاهز للقضاء على فيروس كورونا

حيث أفادت وكالة “أنسا” الإيطالية بأنه تم تطوير أول عقار يهاجم فيروس كورونا، يقوم على جسم مضاد أحادي النسيلة ويفيد بالتعرف على البروتين الذي يستخدمه الفيروس لمهاجمة خلايا جهاز التنفس.

وقالت الوكالة الإيطالية اليوم السبت، إن البحث نشر على موقع “BioRxiv” من قبل فريق بجامعة أوتريخت الهولندية برئاسة الباحث شونيان وانغ.

وقال الباحثون لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” إن الأمر سيستغرق شهورا قبل أن يتوفر الدواء لأنه سيتعين اختباره للحصول على إجابات بشأن مدى سلامته وفعاليته.

وأشار البحث إلى أنه من خلال الارتباط ببروتين سبايك الموجود على سطح فيروس كورونا، يمنع الجسم المضاد وحيد النسيلة من ربط الخلايا، وبهذه الطريقة يصبح من المستحيل اختراق الفيروس لها لتتكاثر.

وأضاف أنه ولهذا السبب فإن الباحثين مقتنعون بأن الأجسام المضادة لها إمكانات مهمة “للعلاج والوقاية من كوفيد – 19″.

وأوضحت الوكالة الإيطالية أن الباحثين كانوا يعملون بالفعل على جسم مضاد لـ”Sars” عندما انفجر وباء “Covid-19” أو”Sars2″، وأدركوا أن الأجسام المضادة الفعالة ضد المرض الأول يمكن أن تمنع الثاني أيضا.

وأكد الباحثون أن الدراسات لا تزال جارية، وأنه يجب أن يخضع الجسم المضاد لاختبارات صارمة للغاية.

ويأمل الباحثون في إقناع شركات الأدوية بتصنيع العقار الجديد، مؤكدين أن ذلك سيتيح تطوير لقاح ضد الفيروس المستجد.

 

 

رحلة البحث عن علاج فيروس كورونا

 

اما في امريكا فمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية تنظم تجارب سريرية للتحقق من فاعلية عقار الريمديسفير في علاج مرض كوفيد- 19، وتعافي أمريكي بعد تناوله للعقار.

ففي التاسع عشر من يناير الماضي، ذهب شاب أمريكي يبلغ من العمر 35 عامًا إلى إحدى العيادات، فقد كان يعاني من السعال وارتفاع في درجة الحرارة، وكان قد عاد للتو من زيارة لعائلته في مدينة ووهان الصينية، عندما رأى تحذير مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأمريكية (CDC) -حول انتشار مرض فيروس كورونا المستجد (كوفيد– 19)، ليقرر الحصول على المساعدة الطبية، وهكذا انتهى به الحال في تلك العيادة، في انتظار المجهول.

في اليوم التالي، أصبح هذا الثلاثيني أول حالة مؤكدة للإصابة بالفيروس في الولايات المتحدة. عُزل المريض في أحد المستشفيات مع مراقبة حالته، وتجريب أدوية مختلفة للحد من شدة الأعراض، ولكن بعد 5 أيام عانى من الالتهاب الرئوي إلى جانب استمرار الحمى، وعندما تفاقمت حالته، فكر المعالجون في حقنه بعقار تجريبي مضاد للفيروسات يدعي “ريمديسفير”، إذ بدأت حالته في التحسُّن حتى تعافى تمامًا.

يسعى علماء في جميع أنحاء العالم الآن، بجهود حثيثة للتعرف على ذلك الفيروس ومحاولة التوصل إلى علاجات فعالة تجاهه. ولكن حتى الآن لا يوجد دواء معين مرخص من قِبَل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لعلاج عدوى فيروس كورونا المستجد، ومعظم الحالات التي تعافت بالفعل، كانت قد تناولت أدويةً مخفِّفة للأعراض: كمسكنات الألم، وعلاج السعال.

بارقة أمل

في الماضي غير البعيد، عند انتشار فيروسا “سارس” SARS و”ميرس” MERS، جرى علاج المرضى باستخدام مجموعة من مضادات الفيروسات المرخصة من قِبَل FDA للاستخدام ضد فيروسات مشابهة “Off-label antivirals” تضمنت عقاقير مثل: لوبينافير، وريتونافير، وإنترفيرون بيتا، إلى جانب بعض المنشطات المناعية، ولكن النتائج لم تكن على المستوى المأمول. وفى دراسة حديثة نُشرت في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز”، قارن الباحثون بين استخدام ذلك المزيج واستخدام عقار الريمديسفير Remdesivir في علاج فيروس ميرس في الخلايا المزروعة معمليًّا وكذلك في الفئران. أوضحت النتائج أن الاستخدام الوقائي والعلاجي للعقار أدى إلى تحسين وظائف الرئة وتقليل مدى تأثرها بالفيروس، كما ساعد العقار “قرود المكاك” على العلاج والوقاية من بعض الفيروسات مثل الإيبولا.

ووفقًا لنتائج دراسة أخرى صادرة عن معاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH)، أثبت الريمديسفير فاعليته في الوقاية من أمراض SARS وMERS عند نوع معين من القرود، وكذلك أدى إلى تحسُّن استجابة القرود المريضة بشكل كبير. ويرتبط الأخير ارتباطًا وثيقًا بالفيروس المسبب لـ(كوفيد– 19)، الذي يندرج تحت عائلة الفيروسات التاجية.

قالت وفاء خليل -أستاذ المناعة والأحياء الدقيقة، كلية الطب بجامعة عين شمس- في تصريحاتها لمجلة “للعلم”: “يعمل الريمديسفير على تثبيط تَضاعُف الفيروس داخل خلية العائل عن طريق تقليل إنتاج الحمض النووي الريبوزي RNA، ومن الممكن أن ينجح في القضاء على الفيروس”، وفق نتائج الدراسة.

ولكن يعتقد بعض الباحثين أنه من المبكر الحكم على مدى فاعلية الريمديسفير على البشر، ويعدون حالة المريض الأمريكي “استثنائية”، إذ تقررت معالجته بالريمديسفير نظرًا لتفاقم الحالة، وكان الأمر محملًا بالمخاطر. يتفق إسلام حسين -الباحث في علوم الفيروسات، والذي يعمل في شركة “ميكروبيوتكس” المتخصصة في إنتاج وتطوير الأدوية المضادة للميكروبات- مع ما ذهبت إليه “خليل”، إذ قال لـ”للعلم”: إن العقار لديه فرصة جيدة، فقد كانت نتائجه فعالة في التجارب التي أُجريت على خلايا مزروعة في المعمل، ولكنه يشدد على أنه “سيتوجب علينا الانتظار حتى تثبت فاعليته في علاج الحيوانات ثم البشر من خلال التجارب السريرية”.

التجارب على المتطوعين

أعلنت NIH في الخامس والعشرين من فبراير الماضي، عن بداية تجارب سريرية عشوائية للتحقيق في مدى سلامة وفاعلية استخدام عقار ريميدسفير التجريبي على مرضى (كوفيد- 19). مثل هذه الدراسات لا تتم دون تطوع أحد المرضى لتجربة العلاج، كان أول مَن قرر التطوع لهذه التجارب أمريكي، كان قد عاد إلى وطنه بعد الحجر الصحي عليه على متن السفينة دايموند برنسيس التي رست في يوكوهاما باليابان. ووفقًا لما قاله أنتوني إس. فوسي -مدير فريق مكافحة فيروس كورونا التابع للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية (NIAID) في الولايات المتحدة- في التقرير الذي أصدرته NIH، فإن تلك الدراسات تتم في نظام يسمى Double Blind حيث يتم إعطاء علاج وهمي لبعض المرضى المشاركين في التجربة، يتم اختيارهم بشكل عشوائي، كما يتم إعطاء العلاج الفعلي لمجموعة أخرى من المشاركين.

وكما أفاد “فوسي”، فإن هذا النوع من التجارب هو “المعيار الذهبي” لتحديد ما إذا كان العلاج التجريبي يمكن أن يفيد المرضى. إذ يتم تسجيل النتائج بالمقارنة بين المجموعتين بعد أسبوعين، على مقياس من سبع نقاط، تتراوح بين الشفاء التام حتى الموت.

ويجري فحص جميع المشاركين في التجربة قبل بدايتها للتأكد من ملاءمتهم، إذ تقتصر المشاركة على الحالات المؤكد إصابتها بالفيروس ، في حين يتم استبعاد الأشخاص المصابين بأعراض خفيفة تشبه البرد. ويجدر الذكر أن هناك عدة تجارب سريرية لعقار ريمديسفير جارية حاليًّا في الصين. يوضح “حسين” أن فرصة الريمديسفير قوية، ووفقًا للدراسات المنشورة حتى الآن فإن “نتائجه تبدو واعدة”، ولكن قد لا يكون أفضل سبل العلاج المطروحة، إذ لم يُثبت فاعليةً عالية في التجارب السريرية الخاصة بفيروس إيبولا، ولا تزال جميع السيناريوهات مطروحة، ولكن ما يميزه هو آلية عمله التي تجعل تأثيره واسع النطاق.

أكثر من 80 تجربة علاجية

إلى جانب ريمديسفير، تتنافس أدوية فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) والخلايا الجذعية وبعض العلاجات الصينية التقليدية لإثبات فاعليتها في العلاج، فوفق ما نشرته دورية نيتشر فإنه توجد أكثر من 80 تجربة علاجية انطلقت للبحث عن علاج للفيروس. وتقول سمية سواميناثان -كبيرة العلماء في منظمة الصحة العالمية: إن المنظمة تعمل على تقييم العديد من التجارب الصينية، وتعمل على وضع خطة لبروتوكول التجارب السريرية، كما تعمل مع علماء صينيين على وضع معايير صارمة من البداية. على سبيل المثال، يجب قياس مراحل تحسُّن أو تدهور حالة المرضى بالطريقة ذاتها، بغض النظر عن نوع العلاج الذي يتم اختباره. يُذكر أن اثنين من الأدوية المستخدمة في تلك التجارب هما أدوية لعلاج الإيدز، وتعمل على إيقاف بعض الإنزيمات التي يحتاجها الفيروس لكي يتضاعف، وقد أبدت نجاحًا فى تحسُّن حيوانات مخبرية مصابة بفيروسات سارس وميرس.

ماذا عن اللقاحات؟

على الجانب الآخر، تساعد اللقاحات النظام المناعي في التعرُّف على بعض سمات الفيروس، وبالتالي تطوير أجسام مضادة لمقاومته حال الإصابة به. لكن الأمر ليس بهذه السهولة؛ فالفيروسات التي تصيب أنواعًا مختلفة من العوائل -مثل فيروسات عائلة كورونا- تكون أكثر تطورًا من غيرها ويتغير شكلها باستمرار، مما يسهل عملية هروبها وتخفِّيها عن الجهاز المناعي.

يقول باسل عساف -أخصائي علم الأمراض المقارن- في تصريحاته لـ”للعلم”: “إن مراحل تطوُّر أي لقاح تحتاج في البداية إلى تصميم اللقاح، ثم اختباره على الحيوانات المخبرية في دراسات إثبات المفهوم(PoC) ، وإذا كانت النتائج إيجابيةً ينتقل الباحثون إلى اختبارات السلامة للتأكد من أن اللقاح آمن ولا يتضمن آثارًا جانبية خطيرة، ويأتي ذلك قبل الانتقال إلى إجراء التجارب السريرية على البشر. ويذكر “عساف” أن تلك الاختبارات تستغرق وقتًا طويلًا جدًّا، وغالبًا ما تستمر سنوات، ولكن في حالات الحاجة السريعة لتطوير لقاح يمكن تسريع تلك الخطوات عبر قوانين محددة تشرِّعها الهيئات الدوائية الرسمية.

وفى حالة فيروس (كوفيد- 19) فإن الحاجة مُلحَّة لتطوير لقاح مضاد للفيروس الذي يُعد سريع الانتشار جدًّا إذا ما قورن بفيروسات أخرى أقل انتشارًا، لكن لا بد من إقامة توازن بين الحاجة إلى سرعة الإنتاج والتأكد من عامل الأمان. وفى أفضل الأحوال فإنه يمكن إجراء دراسة مُسرّعَة لتطوير اللقاح في الحالات الحرجة، بحيث تستغرق التجارب وقتًا أقصر من المعتاد في الظروف العادية، كما هو الحال في قوانين المسار السريع (Fast Track) لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية.

ويوضح “عساف” أن التجارب السريرية على البشر قد تبدأ على الأشخاص الأكثر عرضةً للإصابة بالمرض بشكل كبير. وتتم المرحلة الأولى على عدد قليل من البشر للتأكد من أمان تلك اللقاحات وعدم حدوث أعراض جانبية خطيرة، وحينما تعطي التجارب نتائج إيجابية يجري اختبارها على عدد أكبر.

ويضيف “عساف” أن FDA ووكالة الأدوية الأوروبية (EMA) يحرصان على أن تكون الأولوية مراعاة عامل السلامة والأمان في التجربة لأي دواء أو لقاح قيد التطوير، وخاصةً إن لم تكن المواد المساعدة المستخدمة مع اللقاح مواد معتادة الاستخدام في لقاحات مشابهة. والمواد المساعدة هي مواد تضاف إلى اللقاحات للمساعدة في تنشيط الجهاز المناعي وتحسين استجابته.

هل الأمر يدعو للقلق؟

بينما يتسابق العالم للحصول على علاج أو لقاح للفيروس المسبب لـ(كوفيد– 19) يأمل بعض الباحثين تراجُع عملية انتشاره مع تغيُّر الطقس، وكما صرح أحمد ماهر رمضان -أستاذ الصحة العامة والطب الوقائي والاجتماعي في كلية الطب، جامعة الإسكندرية- في حديثه لـ”للعلم”: “إن الفيروسات لا تحب الجفاف ودرجة الحرارة العالية، مما يرجح تراجُع انتشار الفيروس خلال الأشهر القادمة”.

وبرغم الارتفاع المتزايد في أعداد المصابين بالفيروس -حتى يوم 3 مارس- في 64 دولة، إلا أن معدل الإماتة الناتج عن المرض أقل بكثير من معدل الإماتة الخاص بفيروسات أخرى من العائلة ذاتها. وقد بلغت نسبة الوفيات الناتجة عن فيروس ميرس 34%، والناتجة عن فيروس سارس 9.6%، أما نسبة الوفيات الناتجة عن (كوفيد- 19) فتُقدر حتى موعد نشر التقرير بـ 3.4% حتى الآن.

ويوضح “رمضان” أن “الإنفلونزا من النوع B تقتل سنويًّا أعدادًا مضاعفة لأعداد الوفيات الناتجة عن فيروس كورونا المستجد، كما أن معدل الوفيات من الأخير يزداد بشكل ملحوظ في كبار السن، فتبلغ 8% في الفئة العمرية بين 70 و79 عامًا، وتصل إلى 14.8% لدى مَن هم أكبر من 80 عامًا، ويرجع ذلك إلى ضعف مناعة كبار السن ومعاناتهم عادةً من أمراض أخرى، وكذلك لتناولهم الأدوية التي تخفض المناعة”. يدعو “رمضان” إلى اتخاذ الإجراءات الوقائية لمكافحة العدوى، والتي تتضمن غسل الأيدي جيدًا بالماء والصابون، والمحافظة على النظافة الشخصية ونظافة أسطح الأشياء التى نتعامل معها، وتجنُّب لمس الوجه قدر الإمكان، وكذلك تجنُّب تقبيل ومصافحة الآخرين.

المصدر وكالة “أنسا” الإيطالية وموقع للعلم