الإيدز في اليمن .. سر عائلي .. عادة سيئة وخطأ يقضى على الكثير
بعد نحو أكثر من خمس سنوات على معرفة إصابته بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، يقول اليمني صالح (اسم مستعار)، إن لا أحد من أقاربه أو أفراد أسرته يعلم ذلك باستثناء زوجته.
“لا أدري فعلا.. كيف ومتى أصبت بهذا الفيروس”، أضاف صالح الذي يحرص على التكتم بشأن هذا الأمر، خشية من رد فعل المجتمع ونظرته السلبية تجاه الأشخاص المصابين بالإيدز.
اكتشف صالح إصابته بفيروس الإيدز مطلع 2013، عندما ذهب لإجراء فحوصات طبية بسبب تعرضه لمشاكل صحية في الكبد.
“زوجتي تفهمت الأمر، تعلم أنني لم أخنها، ربما الفيروس نقل إلي من أحد صالونات الحلاقة”، قال الرجل الأربعيني الذي يعمل موظفا حكوميا في العاصمة صنعاء.
ويؤكد صالح لموقع (ارفع صوتك) أنه استطاع التكيّف مع زوجته، لكنه أشار إلى استحالة أن يخبر أحد بذلك حتى والدته، قائلا “لا أعتقد أن هناك من يمكن أن يتفهم وضعي، تخيل أن البعض يشعر أنك ربما تنقل إليه الفيروس من خلال محادثته”.
ويشير إلى أنه يحصل على العلاج سراً من مراكز صحية تابعة للمركز الوطني لمكافحة الإيدز (حكومي). ومع ذلك يؤكد أن هناك حالات كثيرة تضطر لشراء العلاج على حسابها الخاص، حيث تكلف الجرعة 400 دولار شهريا.
أرقام رسمية
وتقدر وزارة الصحة اليمنية أعداد المصابين بالإيدز في البلاد بأكثر من 35 ألف شخص.
ويقول الدكتور محمد شوقي الهبوب، وهو مدير عام البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز، إنه منذ عام 1997 وحتى الآن بلغ عدد الحالات التراكمية المبلغ عنها حوالي 5 آلاف شخص، وفقا لنظام الترصد.
يضيف “لكن نحن رسمياً نقدم منذ عام 2007 خدمات الرعاية والعلاج لحوالي 2200 مصاب بالإيدز (متعايشين مع المرض)، عبر خمسة مواقع صحية في محافظات صنعاء والحديدة وتعز وعدن والمكلا”.
لكنه يعترف في حديث لموقع (ارفع صوتك) بأن “هناك 10 حالات مخفية وراء كل حالة معلنة. يوصف الإيدز دائما بأنه كجبل من الجليد”.
ويوجد في اليمن أكثر من 30 مركزاً لعمل خدمات الفحص والمشورة بشأن الإيدز، لكنها جميعا شبه متوقفة نتيجة الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد، في ظل النزاع الدامي المتصاعد منذ ثلاث سنوات.
ضحايا آليات بدائية
وكشف الصحافي اليمني عادل عبدالمغني، الذي أعد تحقيقا استقصائيا عن حالات الإصابة بالإيدز بسبب الإهمال الطبي، أن 90 في المئة من الكوادر الصحية العاملة في المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه لا يمتلكون أي خبرات سابقة.
وخلص عبد المغني في تحقيقه الاستقصائي إلى وجود “عشرات المتعايشين مع الإيدز، وقعوا ضحايا آليات بدائية وتقنيات قديمة لفحص ونقل الدم في المستشفيات…”.
ووثق التحقيق شهادات رسمية من وزارة الصحة العامة والسكان بصنعاء بوجود إهمال وأخطاء طبية تتسبب بانتقال فيروس الإيدز سواء أثناء عمليات نقل الدم أو عبر أدوات الجراحة.
وأكد مسؤول في وزارة الصحة العامة بصنعاء فضل عدم ذكر اسمه لمراسل (ارفع صوتك) أن الوزارة عاجزة منذ سنوات في تجاوز الإشكاليات القائمة في هذا الجانب و“تحديث أدوات فحص الدم بسبب تفشي الفساد”.
أهم إشكالية
ويذكر مدير عام البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز الدكتور محمد الهبوب أن كثيرا من خدمات المركز متوقفة حاليا، بما في ذلك الترصد وخدمات الفحص والمشورة، ومكافحة انتقال العدوى من الأم إلى الجنين.
وحسب الدكتور الهبوب، فإن كافة الفحوصات التي يقومون بها “طوعية وتشترط موافقة الشخص ذاته، دون طلب أي هوية أو معلومات شخصية، وفي حال أظهر الفحص أنه إيجابي نتخذ الإجراءات الصحية اللازمة من قبيل إعطاء المصاب الأدوية لتقليل انتشار المرض”.
ويقول الدكتور الهبوب إن “الوصمة والتمييز المجتمعي العالي في المجتمع اليمني، أهم إشكالية نعاني منها، من المهم دعم المريض من الأسرة والمجتمع لكي لا تتولد لديه ردة فعل انتقامية لنشر المرض”.
وسجلت السلطات الأمنية حالات اعتراف لمتعايشين مع فيروس الإيدز بإقامة علاقات غير شرعية، أو تبرع بالدم بسبب النزعة الانتقامية من المجتمع.
متابعات من
المصدر: ارفع صوتك
المشاهد- صنعاء – غمدان الدقيمي