فتاوى الصيام | تعرف على حكم من نسيت عدد الأيام التي أفطرتها في رمضان و أكثر من 100 فتوى عن الصيام مجمعة
السؤال
الجواب
الواجب على من أفطر أياما من رمضان لعذر السفر أو المرض أو الحيض أو النفاس أن يقضيها؛ لقوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].
وروى مسلم (335) أن عَائِشَةَ رضي الله عنها سئلت: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ، فَقَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ .
وإذا نسيت زوجتك عدد الأيام التي عليها، وشكت هل عليها ستة أو سبعة مثلا، لم يلزمها إلا ستة؛ لأن الأصل براءة ذمتها، ولكن إن صامت سبعة على سبيل الاحتياط فهو أولى؛ لتبرأ ذمتها بيقين.
وإن لم تذكر شيئا عن عدد أيامها، فإنها تصوم ما يغلب على ظنها أنها تبرأ به.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: امرأة عليها قضاء من رمضان، ولكنها شكت هل هي أربعة أيام أم ثلاثة، والآن صامت ثلاثة أيام فماذا يجب عليها؟
فأجاب: ” إذا شك الإنسان فيما عليه من واجب القضاء فإنه يأخذ بالأقل، فإذا شكَّت المرأة أو الرجل هل عليه قضاء ثلاثة أيام أو أربعة؟ فإنه يأخذ بالأقل، لأن الأقل متيقن، وما زاد مشكوك فيه، والأصل براءة الذمة، ولكن مع ذلك: الأحوط أن يقضي هذا اليوم الذي شك فيه, لأنه إن كان واجبًا عليه فقد حصلت براءة ذمته بيقين، وإن كان غير واجب فهو تطوع، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”.
والله أعلم.
موقع الإسلام سؤال وجواب – رقم الفتوى 118281
فتاوى الصيام (مجمعة ) ، أكثر من 100 فتوى عن الصيام
1- ما أنواع الصيام الواجب ؟
الصيام الواجب على ثلاثة أقسام:
1- ما يجب للزمان نفسه وهو صوم رمضان.
2- ما يجب لعلة، وهو صيام الكفارات.
3- ما يجب لإيجاب الإنسان على نفسه وهو صيام النذر.
2- ما هي أركان الصيام إجمالاً ؟
أركان الصيام إجمالاً :اثنان متفق عليهما (الزمان والإمساك عن المفطرات) والثالث مختلف عليه (النية).
3-ما هي أصناف المفطرين إجمالاً ؟
أصناف المفطرين على ثلاثة أقسام:
1- من يجوز له الصوم والفطر، وهم خمسة: المريض – المسافر- الحامل – المرضع – الشيخ الكبير.
2- من يحرم علي الصيام بالإجماع، الحائض والنفساء.
3- من يجب عليه الصيام ويحرم عليه الفطر: وهم ما عدا من ذكر فى القسمين السابقين.
فهذه خريطة كتاب الصيام
4- ما هو فضل الصوم عموماً ، وفضل شهر رمضان خاصة ؟
من فضائل الصيام عموماً :
1- روى الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله r قال: ” قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لى وأنا أجزى به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إنى صائم- مرتين- والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقى ربه فرح بصومه”.
واختلف فى معنى هذا الحديث إختلاف كبير، وذهب أكثر أهل العلم وهو ما رحجه الحافظ فى الفتح، بأن هذا الفضل العظيم للصوم لأنه يمتنع الرياء فيه، لأنه امتناع، فقد يصوم إنسان لا يدرى أحد بصومه (صوم نفل)، ككلمة التوحيد، فالإنسان قد ينطقها ولا يحرك شفتيه، فلا يشعر بها أحد.
2- ثبت فى الصحيحين عن أبى هريرة قال: قال رسول الله r:” من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه”.
3- ثبت فى الصحيحين عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله r: ” لا يصوم عبد يوماً فى سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً”.
4- ثبت فى الصحيحين عن سهل بن سعد أن النبى r قال: ” إن فى الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد”.
5- واعلم أن الهدف من الصيام والغاية منه هو تحصيل التقوى كما قال تعالى “$ygr’¯»t tûïÏ%©!$# (#qãZtB#uä |=ÏGä. ãNà6øn=tæ ãP$uÅ_Á9$# $yJx. |=ÏGä. n?tã úïÏ%©!$# `ÏB öNà6Î=ö7s% öNä3ª=yès9 tbqà)Gs? ÇÊÑÌÈ ” (البقرة: 183) أى كى تتقون.
قال عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه – لأحد ولاته: أوصيك بتقوى الله، فإنها التى لا يقبل إلا غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثاب إلا عليها، واعلم أن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل، وأذكرك بطول سهر أهل النار فى النار مع خلود الآبدين.
من فضائل شهر رمضان:
1- ثبت فى الصحيحين عن أبى هريرة أن رسول الله r قال: “إذا دخل رمضان، فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين.”
ربما يقول قائل: إذا كانت الشياطين مسلسلة، فكيف نرى الفساد الذى يكثر فى هذا الشهر ؟
فالجواب كما قال القرطبى وغيره أن الذى يسلسل هم مردة الشياطين أو بأن الله يسلسل شياطين الجن وتبقى شياطين الإنس.
2- وأخرج البخارى عن أبى هريرة أن النبى r قال: “من صام رمضان إيماناً وإحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه.”
إيماناً: أى تصديقاً بكلام الله وأوامره الشرعية الكونية والقدرية.
إحتساباً: يرجو الثواب على عبادته.
3- وأخرج مسلم عن أبى هريرة أن النبى r قال: “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر.”
واعلم أن الصيام كما قلنا واجب على كل مكلف، ولا يكتفى فى ذلك بالإخلاص والنية فقط، بل لابد من إتباع ما جاء به الشرع، واعتبر دائماً بحديث المسئ صلاته، فهذا رجل حسن النية لكنه لم يصلى كما أمر الله، فأمره النبى بإعادة الصلاة ثلاث مرات وأخبره بأنه لم يصلى.
والناس فى استقبال شهر رمضان يستعدون له على اختلاف تصوراتهم ومعتقداتهم.
فمن الناس من يستعد له بحشد ضخم من المسلسلات والفوازير والأغانى، يزعم أن هذا يسلى صيامه، وفى حقيقة الأمر هذا يقلل من ثواب صيامه، بل قد يبطله.
وصدق الله تعالى: ” ö@è% @@à2 ã@yJ÷èt 4n?tã ¾ÏmÏFn=Ï.$x© öNä3tsù ãNn=÷ær& ô`yJÎ uqèd 3y÷dr& WxÎ6y” (الإسراء: 84)
أما المؤمن فيستعد للشهر بحشد طاقاته لأداء العبادات المطلوبة.
5- ما الحكم إذا كانت السماء يعتريها الغمام أو القطر ؟
الراجح إكمال عدة الشهر ثلاثين يوماً، وهو مذهب أبى حنيفة ومالك والشافعى والجمهور وهو ترجيح أهل الظاهر.
وسبب الخلاف ما ثبت فى الصحيحين من حديث ابن عمر أن النبى r قال: “إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فأقدروا له.”
الشاهد: الإجمال فى قوله ” فأقدروا له”
إلا أن معنى ” فأقدروا له” أى أتموا عدة شعبان ثلاثين يوماً كما جاءت الروايات الأخرى والأحاديث تبين ذلك:
1- رواية للبخارى فى حديث ابن عمر: “فإن غم عليكم، فأكملوا العدة ثلاثين” ، وعند مسلم: “فأقدروا ثلاثين.”
2- ما ثبت فى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبى r قال: “فان غُبِّى عليكم (أى حال بينكم وبين الهلال حائل كغمام)، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين”.
3- ما رواه أحمد والتمذي والنسائى عن ابن عباس أن النبى r قال: “صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته، فإن حال دونه سحابٌ ، فكمِّلوا العدة ثلاثين، ولا تستقبلوا الشهر إستقبالاً.”
4- ما أخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني عن عائشة وفيه: “فإن غم عليه (أى النبى r) ؛ عدَّ ثلاثين يوماً ثم صام.”
6- ما الحكم إذا رُؤى الهلال فى غير وقته (نهاراً مثلاً) ؟
إذا رُؤى الهلال بعد الزوال، فأجمعوا أنه يكون لليلة المقبلة، وإذا رؤى قبل الزوال، فالراجح أنه يكون لليلة المقبلة أيضاً وهو مذهب الجمهور.
7- ما الطريق الذى يتوصل به لمعرفة طرفى الزمان أي دخول وخروج شهر رمضان؟
طريقان اثنان: الرؤية (الحس) والخبر
1- الرؤية: لقول النبى: صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته
من هنا لو أن إنساناً رأى هلال رمضان بمفرده سواء كان عدلاً أو فاسقاً، فالراجح ما ذهب إليه الأئمة الأربعة وأهل الظاهر والجمهور إلى وجوب الصوم عليه ، سواء شهد عند الإمام أم لم يشهد.
أما إذا رأى هلال شوال بمفرده فالراجح أنه يجب عليه الفطر أيضاً، وهو مذهب الشافعى وأبى ثور وابن المنذر وأهل الظاهر.
2- الخبر: أما هلال رمضان: فالراجح أنه يثبت بخبر الواحد، وهو مذهب الشافعى وأحمد وأهل الظاهر وابن المنذر والشوكانى وابن رشد وابن حجر، وهو ما دافع عنه النووى فى المجموع.
واحتجوا:
1- بما ثبت عند أبى داود والدارقطنى بإسناد صحيح على شرط مسلم عن ابن عمر قال: “تراآى الناس الهلال، فأخبرت النبى r أنى رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه.”
الشاهد: النبى r أمر بالصيام بخبر الواحد (ابن عمر)
2- قال ابن حزم: قد صح قبول خبر الواحد فى الدين، ففرض علينا أن نقبله فى كل موضع إلا المواضع التى اشترط الله لنا فيها عدد معين سماه لنا، وقد نقل الغزالى فى المستصفى إجماع الصحابة على الاحتجاج بخبر الواحد فى كل جزئيات الدين.
أما هلال شوال: فالراجح أنه يثبت أيضاً بخبر الواحد، وهو مذهب أُبى ثور من الشافعية وابن المنذر وابن رشد وأهل الظاهر وطائفه من المحققين.
واحتجوا:
1- بأنه قد ثبت قبول هلال رمضان بخبر الواحد، ويُقاس عليه هلال شوال لعدم الفارق بينهما، فهذا قياس جلى.
2- قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الإنسان يفطر ويصوم بآذان الواحد، فكان كذلك فى هلال الفطر (شوال).
إذن كل خبر من الخبرين تعد علامة تفصل بين زمان الصوم وزمان الفطر.
8- هل يجوز الأخذ بالحسابات الفلكية في معرفة دخول شهر رمضان وانتهائه ؟
هذا القول نُسب إلى مطرف بن عبد الله الشخير، وابن قتيبة، وأبى العباس بن سريج من الشافعية. (أى القول بجواز الأخذ بالحساب الفلكى فى إثبات هلال رمضان أو شوال).
وتقول: أما نسبة القول إلى مطرف، قلا تثبت عنه كما قال ابن عبد البر
وأما ابن قتيبة: فلا يعرج على قوله فى هذا كما قال ابن عبد البر
وأما ابن سريج فقال: إن حال دون رؤية الهلال غيم أو قطر، جاز لمن يعرف الحسابات الفلكية أن يحسب، فإن صام جاز صيامه وأجزئه، لكنه لم يوجب ذلك عليه.
فنلاحظ أن الذين قالوا بالحسابات الفلكية اشترطوا:
1- حالة الغيم وعدم القدرة على رؤية الهلال، لا حال الصحو، لأنهم احتجوا بقوله “فإن غم عليكم”، أى فى حالة الصحو وعدم وجود الغمام لا يجوز الأخذ بها.
2- إنهم قالوا بجوازه لا وجوبه.
3- فى حق من يعرف الحسابات الفلكية فقط، لا فى حق كل واحد أما أن يصير ذلك تشريعاً عاماً، فذلك مخالف لدين الإسلام كما قال شيخ الإسلام: ” وهذا القول واذا كان مقيداً بالإغمام ومختصاً بالحاسب ؛ فهو شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه ، فأما إتباع ذلك في الصحو أ, تعليق عموم الحكم العام به فما قاله مسلم.” (الفتاوى 25/132)
بجانب أن الإجماع قد انعقد وسبق ابن قتيبة وابن سريج، فلا يعتد بخلاف حادث بعد انعقاد إجماع المتقدمين.
أما احتجاجهم بقوله ” فأقدروا له قدرة” فقد سبق وبينا المقصود من هذه الجملة أى إكمال عدة شعبان ثلاثين.
وأخيراً روى النسائى وأحمد عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أن أصحاب النبى حدثوه أنه (أى النبى r) قال: “صوموا لرؤيته، وافطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غُمَّ عليكم فأتموا ثلاثين”.
الشاهد قوله: فانسكوا لها: أى اهتموا وتعبدوا الله برؤية هلال رمضان وشوال ، أى أن الله تعبدنا برؤية الهلال ، لا بظهور الهلال.
قال القرافى : لو سلمنا ان الحسابات الفلكية قطعية ، لكن الشرع أحالنا على الرؤية ، و ليس الأمر كما فى الصلاة لأن الشرع أحالنا فى مواقيت الصلاة على الوقت (الزوال مثلاً) لا رؤية الوقت (رؤية الزوال)
9- إذا ظهر الهلال فى بلد، هل يكون ملزماً للبلدان الأخرى أم لكل بلد رؤيته ؟
الراجح أنه إذا ظهر الهلال فى بلد ما كان ملزماً للبلدان الأخرى التى تشترك مع هذا البلد فى جزء من الليل، وهو ما ذهب إليه الأئمة الأربعة كما حكاه عنهم الخطابى فى معالم السنن وابن المنذر وابن قدامة والنووي في المجموع ، وهو ترجيح شيخ الإسلام وابن رشد
واحتجوا:
1- بقول النبى r: ” صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته”
والخطاب لجميع المسلمين.
2- إذا قلنا لكل بلد رؤيته، فما هو ضابط البعد والقرب، فلا ينضبط اتحاد المطالع واختلافهما، ولا مسافة القصر، ولا اختلاف الأقاليم كما قال شيخ الإسلام.
وصورة المسألة: لو أن رجلاً فى أقصى الجنوب (أسوان) وظهر الهلال فى الشمال الغربى (مرسى مطروح) أيكون ملزما له ؟ وإذا لم يظهر فى مرسى مطروح وظهر فى السودان، ولا شك أن السودان أقرب إليه، أفلا يكون ملزماً بالصوم ؟
قال شيخ الإسلام: إن قلت لا يلزمه الصوم، فليس هذا من دين الإسلام
3- أجمع العلماء أن قضاء الدين بالنذر إذا كان مشروطاً بدخول رمضان، فإنه يحل برؤية الهلال فى البلدان المجاورة.
4- أما حديث كريب فقد رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة ، ونصه: قال (أي كريب) : ” قدمت الشام واستهل على رمضان ، وأنا بالشام ، فرأيت الهلال ليلة الجمعة ، ثم قدمت المدينة فى آخر الشهر، فسألنى ابن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ قلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ قلت : نعم ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية ، فقال: لكنَّا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: أفلا تكتفى برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله r.”
فيجاب عنه:
أ- بأن ابن عباس قد يكون مذهبه أنه لا يقبل فى الهلال إلا شاهدين، وشهد عنده واحد فلم يقبل.
ب-وقد يكون ابن عباس اجتهد فى فهم النص، فحدث عن اجتهاده، ولم ينقل لنا ابن عباس نص كلام النبى ولا معنى كلامة.
ج- اذا اعتمدنا هذا المذهب ، يكون حديث كريب دليلاً لنا لا علينا لأن ابن عباس كان تابعاً لمعاوية (أمير المؤمنين)، وكانت كلها دولة واحدة، ولم يأخذ ابن عباس برؤية أمير المؤمنين.
5- أما ما رواه أحمد فى مسنده أن النبى r قال: ” الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس” ، فالمقصود بالناس هنا المسلمون أى يوم صوم المسلمون، لا أهل بلدة بعينها وإلا كان ذلك تخصيصاً بلا مخصص، فالحديث فى الحقيقة حجة لنا.
6- أما دعوى أن الفضل التزام كل بلد برؤيته درءاً للفتنة، فيجاب على ذلك بأنه يلزمه أن فى كل المسائل الفقهية الخلافية التى قد تثير فتنة أن يأخذ بالرؤى البعيد فى الفتنة، مثل مسألة النقاب، فيجب أن يعمم حسب هذا الرأى أن النقاب سنة فقط .
فلابد من الثبات على ما يراه الإنسان حقاً، والأمثلة على ذلك كثيرة عن الصحابة.
10- رجل أصبح مفطراً ثم تيقن أثناء النهار أنه رمضان بعدما طعم وشرب، ماذا عليه؟
الراجح أنه يجب عليه الإمساك بقية اليوم، ويجزئه هذا اليوم ولا يقضيه، وهو ما ذهب إليه عمر بن عبد العزيز وأهل الظاهر وشيخ الإسلام واحتجوا بما ثبت فى الصحيحين عن سلمة بن الأكوع أن النبى r ارسل رجلاً من أسلم غداة يوم عاشوراء وأمره أن يؤذن فى الناس : “ألا كل من أكل فليمسك ومن لم يأكل فليصم ، فإن اليوم يوم عاشوراء”.
الشاهد: أن النبى أمر بصيامه، وسماه صياماً.
11- صيام صوم الشك:
ويوم الشك هو يوم ثلاثين شعبان إذا غم عليهم فلم يروا الهلال ، وقلنا سابقاً أن الصحيح إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً ، وثبت عند الأربعة عن عمار بن ياسر قال: “من صام اليوم الذى يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم.”
أما إذا كانت عادته صيام الاثنين والخميس أو صيام يوم ويوم، وتوافق أنه يوم ثلاثين شعبان، فلا ينهى عن صومه، بل يصوم، فالمنهى عنه صيامه على أنه من رمضان.
12- هل النية شرط فى صحة الصيام أم لا ؟
الراجح أن النية شرط فى صحة الصيام، فلا صيام إلا بنية، وهو مذهب الأئمة الأربعة والجمهور.
واحتجوا:
1- بقوله تعالى: ” !$tBur (#ÿrâÉDé& wÎ) (#rßç6÷èuÏ9 ©!$# tûüÅÁÎ=øèC ã&s! tûïÏe$!$# ” (البينة: 5)
2- ما ثبت عند الجماعة من حديث عمر بن الخطاب مرفوعاً: ” إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرىء ما نوى “.
3- ما روى أحمد وأصحاب السنن عن ابن عمر عن أخته حفصة أن النبى r قال: “من لم يُجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له”.
وعند الطحاوى: ” من لم يُبيت الصيام قبل صلاة الفجر، فلا صلاة له”.
وأخرج ابن ماجه وابن أبى شيبة بإسناد صحيح بلفظ: ” لا صيام لمن لم يفرضه من الليل”.
4- إن الصيام عبادة محضة غير معقولة المعنى، فمن زعم أنه الله شرع الصيام ليشعر الغنى بجوع الفقير، قلنا له: ولماذا يصوم الفقير؟ ولماذا أوجب الله الصيام عن الماء وهو فى متناول الجميع ؟
13- ما هى النية المجزئة ؟ أي هل ينوي الصيام أم لابد من التحديد أي عقد النية على صيام الغد على انه يوم من شهر رمضان ؟
الراجح أنه يجب عليه تعين نية صيام رمضان، ولا يكفيه اعتقاد مطلق الصوم أو اعتقاد صيام يوم آخر غير رمضان فى رمضان، وهو مذهب الجمهور خلاف لأبى حنيفة الذي قاس الصيام على غيره من العبادات فقال : اذا نوى مطلق الصيام أجزأه ، واذا نوى أن يصوم الغد على انه صيام نفل أجزأه صومه ، وانقلب صيامه هذا إلى صيام فرض ، واحتجوا( أي الجمهور):
بأن كل عبادة موقوفة على دليلها، ولا يصح أن نقيس عبادة على عبادة.
وقد ثبت فى الأحاديث السابقة أنه يجب تبيت نية صيام رمضان فلا يقاس على غيره كالوضوء مثلاً، لأن الوضوء يصح فيه نية رفع الحدث ويكون صالحاً لكل العبادات التى يشترط فيها الوضوء، بخلاف الصلاة فيجب فيها تعين نية الصلاة لا مطلق الصلاة، فلا يقاس الصوم على الوضوء، وليس قياس الصوم على الوضوء بأولى من قياسها على الصلاة.
14- متى يوقع النية ؟ أو متى تكون النية مجزأة ؟
أما بالنسبة لصيام الفرض: فالراجح أنه يجب تبيت النية أى قبل الفجر، فلو أوقعها بعد الفجر (وهو قادر على إيقاعها قبلة) لم تجزيء
وهو مذهب مالك والليث والشافعى وأحمد وأهل الظاهر والجمهور.
واحتجوا: بحديث حفصة السابق ذكره وفيه: “من لم يجمع الصيام قبل صلاة الفجر، فلا صيام له.”
قالوا: صيام ورد نكرة فى سياق النفى، فيفيد العموم
وقوله: ” لا صيام” هو نفى لصحة الصيام.
أما بالنسبة لصيام النفل: فذهب مالك والليث وأهل الظاهر إلى أنه يجب تبيت النية أيضاً فيه، وذهب الشافعى وأحمد إلى عدم الوجوب، ومحل النزاع بين الفريقين هو ما رواه الجماعة إلا البخاري عن عائشة قالت: دخل علي النبى r ذات يوم، فقال: هل عندكم شىء ؟، فقلنا: لا ، قال: “فإنى إذن صائم”، ثم أتانا يوماً آخر فقلنا: يا رسول الله أهدى لنا حيس (طعام يصنع من التمر مع اللبن الجامد وهو الأقطمع السمن كما قال ابن الأثير في النهاية ، وقد يستبدل اللبن الجامد بالدقيق)، فقال: “أرينيه، فلقد أصبحت صائماً فأكل”
فاستدل أحمد والشافعى بظاهر هذا الحديث على تخصيص صيام النفل من عموم وجوب تبيت النية للصوم (حديث حفصة) لأن النبى r قال: ” فإنى إذن صائم”. وهذه الفاء تفيد السبب والعلة، فيصير المعنى إنى صائم لأنه لا شىء عندكم، فالنبى نوى صيام النفل أثناء النهار.
أما الفريق الأول، فتمسكوا بعموم حديث حفصة، وأجابوا عن حديث عائشة، بأنه ليس فيه أن النبى r لم يكن نوى الصيام من الليل، ولأنه أصبح مفطراً ثم نوى الصوم بعد ذلك، لكن فيه أنه كان يصبح متطوعاً صائماً ثم يفطر وهذا مباح، فربما النبى r فى اليوم الأول قد أصبح صائماً ثم اشتهى طعاماً فسألهم فلم يجد شىء عندهم، فقال: إنى إذن صائم أى تأكيداً لصومه، إذن الحديث محتمل، وحديث حفصة متيقن فيقدم اليقين على المحتمل.
والظاهر والله أعلم ، أن الراجح هو قول الفريق الأول (أي قول مالك ومن وافقه بأنه لابد من تبيت النية من اليل في صيام الفرض والنفل)وإن كان لا يبعد قول الفريق الثانى.
15- هل يجب تجديد النية كل يوم أو يكفى نية واحدة أول الشهر ؟
الراجح أنه يجب تجديد النية كل يوم كما هو مذهب الجمهور خلافاً لمالك الذى أكتفى بنية واحدة أول الشهر وقاس الصيام على الحج، فقال الحج أعماله متعددة (طواف، سعى، وقوف عرفة، إفاضة….هكذا)، ولا يحتاج الحاج إلى نية فى كل عمل، بل يكفى نية واحدة فى أول الحج، فهكذا صيام شهر رمضان.
وأجاب الجمهور بأن هناك اختلاف بين الاثنين، فالحج عمل واحد له أركان، فإذا ترك ركناً أنهدم الحج كله، وليس صوم رمضان كذلك، بل كل يوم على حدة مسقط لفرض هذا اليوم، ولا يتعلق بالأيام السابقة أو اللاحقة.
16- ماذا على من نسى النية قبل الفجر أو نام ؟
الواجب عليه بمجرد أن يفيق من نومه أو يتذكر أن يعقد النية فوراً ويجزئه ، أو بمجرد أن يعلم إن كان جاهلاً
17- ما هو حكم من قدم المشيئة على نيته ؟
هو إما أن يكون قد قدم المشيئة تبركاً فيكون صيامه صحيحاً ويجزئه ، وأما إن كان قد فعل ذلك وقدم المشيئة لشكه في نيته فصيامه غير صحيح ولا يجزؤه .
18 – هل القئ يعد من المفطرات للصوم ؟
تعمد القيء مبطل للصيام على الراجح ، وهو مذهب الجمهور خلافاً لابن مسعود وعكرمة وربيعة الذين احتجوا بحديث ضعيف.-
واحتج الجمهور: بما أخرجه الخمسة إلا النسائى عن أبى هريرة أن النبى r قال: ” من ذرعة القىء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض”.
إذن فمن غلبه القىء وخرج بنفسه، فلا قضاء عليه ولا كفارة، وليس مبطلاً للصوم.
19- من أخرج طعاماً من بين أسنانه فبلعه عامداً، هل يبطل الصيام ؟
الراجح أنه يبطل وهو مذهب الجمهور خلافاً لأبى حنيفة، لأن هذا الرجل تعمد ابتلاع هذا الشىء.
20- هل يبطل الصيام بابتلاع أى شىء كبيراً أو صغيراً، ولو كان حبة سمسم ؟
وهو مذهب الجمهور خلافاً لأبى حنيفة الذى فرق بين الصغير والكبير والضابط عنده مقدار حبة الحمصة، وهو قول لا دليل عليه، وكذلك ضابط الصغر والكبر لا دليل عليه، والتقدير بابه التوقيف، كما أن حجم حبة الحمص يتفاوت.
21- ماذا على من أكل وشرب ناسياً ؟
الراجح صحة صيامه، ولا قضاء عليه، وهو مذهب الجمهور خلافاً لمالك الذى أبطل صيامه وألزمه بالقضاء.
واحتجوا:
1- بما رواه الجماعة إلا النسائي عن أبى هريرة أن النبى r قال: ” من نسى وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه”.
وعند الدارقطنى زيادة هامة صحيحة : ” ولا قضاء عليه ولا كفارة ” وهذه اللفظة تدل على أن الحديث على صيام الواجب.
وفى لفظ عند الدارقطنى أخر: ” من أفطر يوماً من رمضان ناسياً، فلا قضاء عليه ولا كفارة.”
2- بعموم النصوص فى رفع الحرج: كقوله تعالى: “}§øs9ur öNà6øn=tæ Óy$uZã_ !$yJÏù Oè?ù’sÜ÷zr& ¾ÏmÎ `Å3»s9ur $¨B ôNy£Jyès? öNä3çqè=è% 4″ (الأحزاب: 5)
– ما رواه ابن ماجة عن ابن عباس مرفوعاً: ” أن الله تجاوز لأمتى عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.”
22- من أكل وشرب بعد الفجر وهو لا يعلم بدخول وقت الفجر وكذلك من أكل معتقداً دخول وقت الغروب ؟
صيامه صحيح ، وحكمه حكم الناسى بالضبط لأن الأصل أن يبقى على فطره حتى يتيقن من دخول الفجر ولا يمسك عن الطعام بالشك ، وهو مذهب إسحاق ورواية عن أحمد وابن حزم وشيخ الإسلام ، أما من أكل وشرب ظاناً دخول المغرب فقد بطل صومة وعلية القضاء لأن الاصل انه صائم حتى يتيقن دخول المغرب ولا يفطر بالشك.
23 – من أكل طعاماً مما لا يتغذى به، كالطين والرمل، فهل يبطل الصيام ؟
يبطل الصوم، لأن الأكل هو إدخال شىء إلى معدة عن طريق الفم، وهذا قد دخل عن طريق الفم، أما مسألة يتغذى به أو لا، فهى غير معتبرة.
24- هل يجوز للصائم أن يتمضمض- فى غير الوضوء – للعطش أو الحر مثلاً ؟ وما حكم الاستحمام وصب الماء على الرأس في نهار رمضان ؟
الراجح جواز ذلك، وهو مذهب الجمهور خلافاً لأبى حنيفة الذى كرهه معتمداً على حديث ضعيف فى النهى عن دخول الحمام.
واحتج الجمهور: بما رواه أبو داود وأحمد عن جابر أن عمر بن الخطاب قال: هششت يوماً، فقبلت وأنا صائم، فأتيت رسول الله r فقلت: يا رسول الله أتيت أمراً عظيماً ، قبلت وأنا صائم ، قال: أرأيت لو تمضمضت بماءٍ وأنت صائم ؟ ، قال عمر : لا باس ، قال: ففيم اذاً ؟ (أي ففيم الشك)
وروى أحمد وأبو داود عن رجل من أصحاب النبي قال : رأيت رسول الله r يصب الماء على وأسه من العطش – أو قال من الحر – وهو صائم .
واعلم أن تعمد الأكل والشرب يوجب القضاء فقط وهو مذهب الشافعى وأحمد وأهل الظاهر لعدم ورود نص يوجب الكفارة، خلافاً لأبى حنيفة ومالك حيث أوجبا الكفارة مع القضاء قياساً على الجماع، ويجاب عليهما بامتناع القياس فى الكفارات.
25- رجل نوى الإفطار خلال يوم صومه ولم يأكل ولم يشرب ؟
إن نوى أثناء صيامه إبطال صومه، وعزم على الإفطار ذاكراً أنه فى صوم، بطل صومه، وإن لم يأكل ويشرب وهو مذهب الشافعى ومشهور أحمد وأهل الظاهر.
26- هل الردة عن الإسلام مبطلة للصوم ؟
لا خلاف بين أهل العلم فى أن من أرتد عن الإسلام أثناء الصوم فإنه يفسد صيامه، وعليه القضاء إذا عاد.
27- ما حكم من جامع امرأته في نهار رمضان ؟
أجمع العلماء على فساد الصيام بالجماع فى نهار رمضان عامداً ذاكراً لصيامه ، ويكون عاصياً لله عز وجل إن فعل ذلك .
لما ثبت عند الجماعة عن أبى هريرة قال : بينما نحن جلوس عند النبى r إذا جاءه رجل ، فقال: يا رسول الله هلكت، قال: ” ما أهلكك ؟” ، قال: وقعت على امرأتى في رمضان ، قال رسول الله : ” هل تجد ما تعتق رقبة ؟ ” قال: لا ، قال: ” فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟” قال: لا، قال: ” فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً ؟” قال: لا ، ثم جلس ، فأُتيَ النبى r بعرق فيها تمر، فقال : ” فتصدق بهذا” ، فقال الرجل: فهل على أفقر منا ؟ فما بين لابتيها – يريد الحرتين- أهل بيت أحوج اليه منا ، فضحك النبى r حتى بدت نواجذه ، وقال: ” اذهب فأطعمه أهلك “.
وفى رواية سعيد بن منصور : ” تب الى الله و استغفره و تصدق.”
و فى رواية ابي داود : ” واقض يوماً مكانه ”
28- ما حكم من جامع ناسياً ؟
الراجح أن صيامه لا يفسد وهو مذهب أبى حنيفة والشافعى وأحمد فى رواية وأهل الظاهر والجمهور، وهو مذهب المحققين كابن حجر وابن رشد والشوكانى.
واحتجوا بنفس الأدلة لمن أكل أو شرب ناسياً فى رمضان لاسيما رواية الدارقطنى: ” من أفطر يوماً فى رمضان ناسياً” وهذا عام، فقد يكون الفطر بالطعام أو الشراب أو الجماع”.
29- ما حكم من احتلم فى نهار رمضان؟
نقل الماوردى وابن حزم وابن عبد البر الإجماع على أن صيامه صحيح ، ولا شئ عليه لأنه لم يتعمد إفساد صومه ، ولما رواه أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذي عن عائشة أن النبي r قال : ” رفع القلم عن ثلاث : الصبي حتى يحتلم ، والمجنون حتى يفيق ، والنائم حتى يستيقظ .”
30 – ما حكم القبلة والمباشرة للصائم ؟
الراجح جواز القبلة والمباشرة له شريطة ألا يجامع وهو مذهب الجمهور.
واحتجوا:
1- ما ثبت فى الصحيحين عن عائشة قالت: “كان النبى r يقبل وهو صائم ، ويباشر وهو صائم ، ولكنه كان أملككم لإربه.”
وروى أحمد وسملم بإسناد صحيح عن عكرمة عن عائشة إنها قالت: “كان رسول الله r يقبل في رمضان وهو صائم.”
وعن عبد الرزاق أن عائشة بنت طلحة قالت : ” كنت عند عائشة ، وقد دخل زوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر (ابن أخو عائشة) وهو صائم فى رمضان ، فقالت أم المؤمنين : وما يمنعك أن تدنو من أهلك فتقبل وتداعب ، فقال: وأنا صائم؟ ، فقالت: نعم.
وعن عبد الرزاق باسنادٍ غاية في الصحة : سأل مسروق (وهوشاب) عائشة: ما يحل للرجل من امرأته صائماً؟، فقالـ: كل شىء إلا الجماع.
2- وروى مسلم عن عمر بن أبى سلمة أنه سأل رسول الله r : أيقبل الصائم؟، فقال له رسول الله: سل هذه (أم سلمة)، فأخبرته أن رسول الله r يصنع ذلك، فقال: يا رسول الله، قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال له رسول الله r: أما والله إنى لأتقاكم لله وأخشاكم له.
3- حديث عمر بن الخطاب السابق ذكره وفيه أنه قبل امرأته وهو صائم.
بقى أن تقول أنه إذا كان الإنسان لا يملك نفسه إذا قبل أو باشر، فيقع فى الجماع، فعليه أن يبتعد عن ذلك، ولا يكون كالراعى يرعى حول الحمى.
أ- من قبل أو باشر فترتب عليهما إنزال (قذف):
الراجح أنه يفسد الصيام وهو مذهب الأئمة الأربعة، ويجب عليه القضاء فقط دون الكفارة وهو مذهب أبى حنيفة والشافعى وأحمد.
واحتجوا: بالحديث القدسى كما فى الصحيحين عن أبى هريرة أن النبى r قال: إن الله يقول: ” يدع طعامه وشرابه وشهوته لأجلى .” ، فهذا حضرت شهوته فينبغي أن يبطل صيامه بذلك
ماذا عليه فى هذه الحالة إذا أمذى ؟
الراجح أنه صيامه صحيح لا يفسد ولا قضاء عليه لأنه ليس خروجاً للشهوة ولا دليل على خلاف ذلك ، وهو مذهب الحسن البصرى والشعبى وابن حنيفة والشافعى والأوزاعى وابن حزم وأهل الظاهر
31- ما حكم من كرر النظر إلى امرأته أو إلى امرأة أجنبية فأنزل ؟
الراجح أنه لا يفسد الصوم، وهو مذهب أبى حنيفة والشافعى وأهل الظاهر والجمهور لأنه أنزل بغير تقبيل ولا مباشرة ، ولم ينه عن النظر إليها
لكن ملاحظة ذكرها النووى فى المجموع : أنه إذا قصد الإنزال بأن يشد أعصابه ويثير نفسه إلى ان ينزل فهذا كالمباشرة وكالذى يستنمى غهذا ينبغي عليه القضاء ويفسد صيامه بذلك ، أما إذا لم يقصد، فلا يفسد.
وإذا كانت المرأة أجنبية، فالنظر إليها معصية
أما إذا أمذى: فصيامه صحيح ولا شئ عليه عند الجميع .
32- ما حكم من فكر فترتب عليه إنزال أو إمذاء ؟
صيامه صحيح، ولا شىء عليه، وهو مذهب عامة أهل العلم، ويسرى كلام النووى هنا أيضاً
33- من قبل امرأته، فشعر بريقها فى فمه، فماذا عليه ؟
إذا بلع ريقها عامداً فسد صيامه، وإذا لم يقصد فبلعه، فصيامه صحيح أما ما يروى أن النبى كان يمص لسان عائشة وهو صائم، فحديث ضعيف، وعلى فرض صحته، فهو محمول عند عامة أهل العلم بأنه كان يلفظ ريقها ولا يبتلعه.
34- من أصبح جنباً فى رمضان كالذي يحتلم بالليل أو يجامع ويؤخر الإغتسال إلى ما بعد طلوع الفجر:
صيامه صحيح ، ولا شىء عليه ، وهو مذهب الأئمة الأربعة وعامة أهل العلم ، ونقل النووى وابن دقيق العيد الإجماع عليه، لكن خالف بعض التابعين فى ذلك.
واحتج الجمهور:
1- بما ثبت فى الصحيحين عن أم سلمة وعائشة قالتا كان رسول الله r يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصوم في رمضان.
2- ما رواه مسلم عن عائشة أن رجلاً قال: يا رسول الله تدركنى الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال النبى r : وأنا تدركنى الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال: لست مثلنا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: والله إنى لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقى.
35- رجل جامع قبل طلوع الفجر، ونزع عند طلوع الفجر، لكنه قذف بعد طلوع الشمس:
صيامه صحيح، ولا شىء عليه، وهو مذهب عامة أهل العلم، نص على ذلك النووى وابن قدامة
36- ما حكم الاستمناء (العادة السربة) في نهار رمضان ؟
الراجح أنه يفسد الصيام، وهو مذهب الأئمة الأربعة، واحتجوا بالحديث القدسى: “يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلى” .
وهو بذلك ارتكب معصيتين: الاستمناء، وتعمد إفساد الصيام.
إذن الجماع يبطل الصيام ويوجب القضاء والكفارة كما سبق وبينا وهو مذهب الأئمة الأربعة والجمهور.
37- هل تجب الكفارة على المرأة كالرجل ؟ الراجح وجوب الكفارة عليها كالرجل ان كانت مطاوعة ، وهو قول أبى حنيفة ومالك، وأحد قولى الشافعى ورواية عن أحمد وهو مذهب الجمهور.
قالوا:
1- لأنها أفسدت صومها بالجماع كالرجل، فوجبت عليها الكفارة، وقد ساوت الشريعة بين الرجل والمرأة فى الأحكام إلا فى مواضع قام الدليل على تخصيصها.
2- أما عدم أمر النبى للمرأة بالكفارة، فهذه حكاية حال لا عموم لها، وربما لأن المرأة لم تستفت النبى كما استفتاه الرجل ، او لأن الرجل قال هلكت و أهلكت أي أنه أجبرها
38- هل تجب كفارة الجماع على الترتيب؟
الراجح أنها تجب على الترتيب وهو مذهب الجمهور خلافاً لمالك، واحتج الجمهور بلفظ البخارى المذكور آنفاً، أما ما وقع فى رواية مسلم بتخيره فيحمل على رواية الحديث بالمعنى، والأولى ما نطق به النبى.
ما المراد بالإطعام و ما مقداره ؟ الإطعام : غذاء أهل البلدة من الحبوب كالفول و الارز و العدس أو اطعامه وجبة مشبعه .
مقدار الإطعام : الراجح ما ذهب اليه الشافعى من انه يطعم كل مسكين مداًمن طعام أي ملئ الكفين المتوسط لحديث الباب حيث اعطاه النبى عرق فيه تمر ، و العرق = 15 صاعاً ، و الصاع = 5 أمداد ، إذن 155 x = 60 مداً ، أي لكل مسكين مد.
هل يجزئ فى الإطعام القيمة (المال) ؟ لا يجزئ لأن النبى أمر بالإطعام ، و ماكان ربك نسياً
هل تتكرر الكفارة بتكرر الجماع ؟
هاهنا حالات
1- من جامع فى نهار رمضان، ثم كفّر، ثم جامع فى يوم أخر، فعليه كفارة أخرى إجماعاً.
2- من جامع فى يوم واحد مراراً، فليس عليه إلا كفارة واحدة إجماعاً.
3- من جامع فى نهار رمضان، ولم يكفر ثم جامع فى يوم أخر،
39- ما حكم الحجامة (والتبرع بالدم) أثناء الصوم ؟
إخراج الدم الفاسد، وهى وسيلة عظيمة من وسائل العلاج ففى صحيح البخارى عن ابن عباس أن النبى قال: الشفاء فى ثلاث: شربة عسل، أو شرطة محجم، أو كى بنار، وأنهى أمتى عن الكى.
والحجامة يعالج بها الأمراض الأمتلائية كضغط الدم، وأثرها عظيم حتى أن إبراهيم حين لقى النبى فى معراجه قال له: أقرأ أمتك منى السلام، وأوصهم بالحجامة.
والراجح أن الحجامة لا تفسد الصوم، وهو قول أبى حنيفة ومالك والشافعى وأهل الظاهر والجمهور.
وقالوا أن الحجامة كانت مفسدة للصوم ثم نسخ هذا الحكم إلى الجواز.
واحتجوا:
1- بما رواه الدارقطنى والبيهقى عن أنس أنه قال: “أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبى طالب أحتجم وهو صائم، فمر به النبى r فقال: أفطر هذان، ثم رخص النبى فى الحجامة بعد للصائم ، وكان أنس يحتجم وهو صائم.” ، صححه ابن حجر والألباني وغير واحد من أهل العلم ، وأعلم أن الرخصة لا تكون إلا بعد عزيمة.
2- ما أخرجه النسائى عن أبى سعيد الخدرى: ” رخص رسول الله r فى الحجامة للصائم.” صححه ابن حجر والألباني .
3- ما ثبت عند البخارى من حديث ابن عباس قال: “أحتجم رسول الله r وهو محرم، وأحتجم وهو صائم.”
واعلم أنه تكره الحجامة للصائم فى حق من يضعف بالحجامة، وتشتد الكراهة إذا ازداد الضعف إذا أدى إلى الفطر: لما أخرجه البخارى عن ثابت البنانى: قلت لأنس: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد النبى، فقال: لا، إلا من أجل الضعف.
ويماثل الحجامة فى أيامنا هذه التبرع بالدم لأنه استنزاف بالدم وإخراج عينة من الدم للتحاليل.
40- ما حكم الكحل أو قطرة العين أثناء الصوم ؟
الراجح ما ذهب إليه الجمهور من أن الكحل (ومثله قطرة العين) لا يفسد الصيام، ولا شىء عليه.
قال الترمذى: لا يصح فى هذا الباب شىء، لا أحاديث مبطلة للصوم ولا مجيزة.
فلنا إذن أن نتمسك بالبراءة الأصلية: صحة الصوم، وعدم فساده.
41 – ما حكم الحقنة الشرجية [والتقطير فى الإحليل (أى الدبر) ، واللبوس سواء فى الدبر أو اللبوس المهبلى] أثناء الصوم ؟
الراجح أنها لا تفسد الصيام، ولا شىء عليه، وهو مذهب الحسن بن صالح والظاهرية وهو ترجيح شيخ الإسلام خلافاً للجمهور.
وقالوا: ما نهينا قط على أن تدخل شيئاً إلى أجوافنا، وإنما نهينا عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القىء.
والجمهور وضعوا قاعدة: كل شىء يدخل إلى الجوف، يبطل الصيام
قال ابن تيمية: هذه القاعدة ليست مسلمة، لأن الصيام من دين الإسلام الذى يلزم أن يعرفه العام والخاص، ولو كانت هذه الأمور محرمة على الصائم لبينها رسول الله، ولو فى حديث واحد، فلا دليل على هذه القاعدة.
42- ما حكم قطرة الأذن في الصوم ؟
لا تفطر على الراجح أيضاً، وهو مذهب الحسن بن صالح والظاهرية وطائفة من أهل العلم ذكرهم ابن المنذر خلافاً للجمهور، ويجاب عليهم بما سبق وقيل فى الحقنة الشرجية والكحل.
43- ما حكم قطرة الأنف في الصوم ؟
لا تفطر بشرط ان يتنخم بعد ان يضعها على سبيل الاحتياط لينزل النخامة ولا شئ عليه بعد ذلك لقول النبي r في حديث لقيط بن صبرة عند الترمذي : “وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً.”
44- ما حكم مداواة الجائفة والمأموم في الصوم ؟
لا تفطر أيضاً، وهو مذهب مالك وأبى يوسف ومحمد بن الحسن وأبى ثور وأهل الظاهر.
الجائفة: الجرح الذى يكون بالبطن ويصل إلى الجوف.
المأمومة: الجرح الذى يكون فى الرأس حتى يصل إلى الدماغ.
45- ما حكم الحقن الدوائية أثناء الصوم ؟
لا تفطر سواء كانت للدواء أو للتغذية كحقن الجلوكوز، وهو مذهب ابن حزم.
46 – ما حكم السواك أو معجون الأسنان أثناء الصوم ؟
لا يفسد الصيام، شريطة ألا يقع شىء منه فى الحلق وهو مذهب الجمهور، سواء كان بعد الزوال أو قبلة ، فإن كان السواك بالنكهات، فيبطل الصيام لأن النكهة لها جرم أي جسم .
ويدخل فى حكم السواك: معجون الأسنان: فلا يفسد الصيام لان نكهته لا جرم لها إلا إذا وقع فى حلقه ، لكن مجرد تغيير رائحة الفم لا تفسد الصيام.
47- ما حكم البخاخ، السجائر،العطور، البخور، وتذوق الطعام، ابتلاع البلغم ؟
أما حكم بخاخ الربو: فلا يفسد الصيام على الراجح، لأن الرشاش أو الرذاذ الذى يخرج منه يتسامى مباشرتاً، أى لا يقع إلى داخل الفم فى صورة سائل، وإنما يقع فى صورة غاز، فيلحق بالدخان الذى يكون فى الطريق ومثله فى الحكم الدخان فى الطريق، ومن يجلس فى وسط مدخنين
أما البخور: لا يفسد الصيام أيضاً خلافاً للشيخ ابن عثيمين ، وهو عبارة عن جزئيات يتصاعد فى الدماغ، وقد يتكثف، ولو كان مفسداً للصوم لبينه النبى، والنبى قد بين حكم تعمد القىء وهو نادر الوقوع ، أما القول بأن الدخان له جرم أي جسم ، فيرد عليه بأن جميع الروائح لها جرم أيضاً.
أما حكم العطور: فلا يفسد الصيام أيضاً، وقد تكلم شيخ الإسلام بنحو ذلك فمن زعم أنه مفسد فعليه بالدليل
أما السجائر: فأجمع العلماء المعاصرون على أن التدخين يبطل الصيام، وما وجدنا بعد التتبع أحد قال بأنه غير مفطر ، وقد تكلم عن ذلك وقال بفساد الصوم : ابن عابدين والقَرافي في الفروق والشوكاني وعلماء نجد – محمد عبد الوهاب وتلاميذه – وكذلك المعاصرون الآن من أهل العلم سواء في مصر أو الحجاز أو المغرب .
أما من يجلس في وسط مدخنين فهذا حكمه كحكم من مر بقمامة تحرق في الطريق ودخل دخانها في خياشيمه وفمه ، فهذا لا يفسد الصيام بإجماع أهل العلم .
تذوق الطعام: فعامة أهل العلم على أنه غير مفطر ما دام لم يقع فى الجوف شىء وقد نص ابن عباس على ذلك.
ابتلاع البلغم والنخامة: الراجح أنه لا يفسد الصوم وهو أحد قولى الشافعى ورواية عن أحمد لإنعدام الدليل، وكذلك الريق إذا كثر، لكن إذا أخرجه من فمه فلا يحل له أن يبتلعه مرة أخرى.
منظار المعدة الطبى: لا يفطر اذا لم يدخل من الفم ، فاذا دخل من الفم أفطر
48- ما هي مباحات الصيام إجمالاً ؟
مما سبق يتضح لنا أن بعض الأمور لا تفسد الصيام: كتقبيل الزوجة ومباشرتها، والمضمضة والاستنشاق بغير مبالغة، تذوق الطعام بدون ابتلاع، الحجامة، والتبرع بالدم، والاكتحال، وقطرة العين والأذن، والحقنة دوائية أو شرجية، وروائح العطور، وابتلاع النخامة، والسواك ومعجون الأسنان، وبخاخة الربو والدخان، والقىء غير المتعمد، والأكل والشرب والجماع ناسياً، وأن يصبح جنباً.
أما الاغتسال وصب الماء على الرأس: فالراجح جوازه للصائم وهو مذهب الجمهور لما تقدم أن النبى كان يدركه الفجر جنباً ثم يغتسل ويصوم
ولما روى أبو داود عن بعض أصحاب النبى r قال: لقد رأيت رسول الله بالعرج يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر.
49- هل يجوز بيع الطعام للنصارى فى نهار رمضان ؟
الراجح انه لا يجوز لأنهم مخاطبون بفروع الشريعة على الراجح من أقوال أهل العلم.
50- هل للمرأة أن تتناول دواء يقطع الحيضة فى رمضان ؟
إن فعلت جاز ولا حرج أن لم يكن فيه ضرر عليها، لكن الأولى ألا تفعل ذلك لأن الحيض أمر كتبه الله على بنات آدم، ولم تكن النسوة على عهد النبى يتكلفن ذلك ليصمن رمضان كاملاً.
واعلم أن المستحاضة حكمها حكم الطاهرة فتصوم وتصلى وتتوضأ لكل صلاة.
51 – اختلفوا فى صفة المرض الذى يبيح الفطر، هل هو المرض الذى يشق معه الصيام ويترتب معه زيادة المرض أو تأخر الشفاء كما قال الأئمة الأربعة، أم مطلق المرض ؟
الراجح أن الإنسان إذا اعتراه حالة يطلق عليها أسم المرض، يجوز له الفطر وحتى لو لم يشق عليه الصيام أو لا يترتب على الصوم تأخر الشفاء أو زيادة المرض. وهو مذهب عطاء وابن سيرين وابن جريج وإسحاق والبخارى وأهل الظاهر.
وسبب الاختلاف: تعارض ظاهر اللفظ مع المعنى المعقول من هذا اللفظ، فلفظ المرض إذا أطلق أنصرف إلى مطلق المرض بدون تفريق، فالأئمة الأربعة نظروا إلى المعنى المعقول، وأهل الظاهر ومن وافقهم نظروا إلى ظاهر النص.
قال الإمام القرطبى عند تفسير الآية [البقرة: 184]: وهذا هو أعدل المذاهب [مذهب أهل الظاهر] ألا يخص مرض عن مرض.
وأجمعوا على أن المريض إذا صام صح صومه وأجزأه نقله ابن عبد البر وغير واحد
لكن إذا ضره الصيام فيكره له وقد يحرم
52 – من نذر صيام ثلاثين يوماً ثم لم يقو لمرض مزمن أو غيرة ، ماذا يفعل ؟
ثبت فى الصحيحين عن عقبة بن عامر ان النبى قال : كفارة النذر كفارة اليمين ، فيطعم عشرة مساكين أو يكسوهم ،فان لم يجد يصوم ثلاثة أيام
53 – امرأة كبيرة فى السن لا تستطيع الصوم وعليها اطعام ،و ابنتها مطلقة فقيرة ، فهل تطعمها ؟
الأهل مكلفون شرعاً بالأنفاق على الأبناء اذاكانوا متيسرين ، فالأم فى هذة الحالة تنفق على ابنتها أولاً ، فاذا بقى مال أطعمت ، فاذا لم يبق فهي متعسرة و لا شئ عليها
54 – ماذا على الشيخ الكبير والمريض الذى لا يرجى بُرؤة ؟
الذى يعجز عن الصيام أو يشق عليه أجمع العلماء على جواز الفطر له
واختلفوا فيما عليه ؟ والراجح أن عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً ، وهذا ثابت عن ابن عباس وأبى هريرة وأنس وهو قول الجمهور خلافاً لمالك حيث قال لا شئ عليه ، فإن لم يكن قادراً سقط عنه في قول الأكثرين ، وإذا تيسر له مال بعد ذلك لم يجب عليه الإطعام.
واحتجوا: بقوله تعالى “n?tãur úïÏ%©!$# ¼çmtRqà)ÏÜã ×ptôÏù ãP$yèsÛ &ûüÅ3ó¡ÏB”(البقرة:184)
فكان من أراد أن يصوم فى أول الإسلام صام، ومن أراد أن يفطر سواء بعذر أو غير عذر أفطر وأطعم مسكيناً عن كل يوم، ثم خصصت الرخصة بعدم القادر أو الذى يشق عليه كالشيخ الكبير والحامل والمرضع.
روى البخارى عن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية فقال: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فليطعما مكان كل يوم مسكيناً.
أما سقوط الإطعام عنه بعدم القدرة: لقوله تعالى: ” لا يكلف الله نفساً إلا وسعها” ومن قال ببقاء الإطعام فى الذمة وهم طائفة من الشافعية، قاسوا الأمر هنا على الكفارات والجنايات، ولا يخفى ما فى هذا القياس من جور، إذ لا يسوى بين من ترك الصيام لعجز، وبين مرتكب الجناية.
55- كثير من الناس تشكل عليهم هذه الأية فهلا وضحتها لنا : الآية : “n?tãur úïÏ%©!$# ¼çmtRqà)ÏÜã ×ptôÏù ãP$yèsÛ &ûüÅ3ó¡ÏB” (البقرة: 184)
ذهب ابن عباس إلى إنها غير منسوخة، وذهب ابن عمر وسلمة بن الأكوع بأنها منسوخة بالآية بعدها ” `yJsù yÍky ãNä3YÏB tök¤¶9$# çmôJÝÁuù=sù” (البقرة: 185)
والتحقيق: أن الآية غير منسوخة بل مخصصة لأسباب:
1- النسخ لا يثبت إلا بنص أو إجماع، ولا نص فى ذك، والصحابة مختلفون، فلا إجماع إذن.
2- الصحابة يعبرون عن التخصيص بالنسخ، أى قد يقول آية منسوخة ويقصد مخصصة.
مما يدل على ذلك: أن ابن عباس فى رواية الطبرى وابن الجارود فى المنتقى والبيهقى وهى رواية صحيحة على شرط الشيخين قال: رُخص للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة فى ذلك – وهما يطيقان الصوم – أن يفطرا إن شاءا أو يُطعما مكان كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليهما، ثم نسخ ذلك بالآية التى بعدها ” `yJsù yÍky ãNä3YÏB tök¤¶9$# çmôJÝÁuù=sù” (البقرة: 185) وثبت ذلك للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم، والحبلى والمرضع إذا خافتا افطرتا وأطعمتا مكان كل يوم مسكيناً.
الشاهد: أن ابن عباس استخدم لفظ ” نسخ” وقصد به” خصص”
فحاصل كلام ابن عباس: أن تشريع الصيام كان على مرحلتين:
أ- رخص للذى لا يريد الصيام بدون عذر أن يطعم.
ب- نسخ فى حق القادر، وبقى فى حق غير القادر، وهذا تخصيص.
56- المريض الذي لا يستطيع الصوم ، هل لابد أن يطعم كل يوم أم يستطيع أن يطعم ثلاثين مسكيناً مرة واحدة فى يوم واحد ؟
ثبت عن أنس بن مالك كما روى الدارقطنى أنه ضَعُف عاماً عن الصوم، فصنع جفنه من ثريد ودعا ثلاثين مسكيناً فأشبعهم، فهذا مذهب أنس وهو الراجح
57- ماذا على الحامل (الحبلى) والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما :
الراجح أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليهما ، وهو ما ذهب إليه ابن عباس وابن عمر وسعيد بن جبير – وراجع الأثار عن ابن عباس وابن عمر عند الطبراني والدارقطني – وجزم به الشيخ الألبانى والشيخ سيد سابق رحمهما الله .
أما جواز الإفطار لهما: لما رواه الخمسة عن أنس بن مالك الكعبى أن رسول الله r قال “أن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم.”
أما وجوب الإطعام (الفدية) عليهما: لقوله تعالى “n?tãur úïÏ%©!$# ¼çmtRqà)ÏÜã ×ptôÏù ãP$yèsÛ &ûüÅ3ó¡ÏB” (البقرة: 184) وقد سبق وبينا أن الآية ليست منسوخة بل مخصصة، وأن الرخصة ثابتة للشيخ الكبير والحامل والمرضع.
أما القضاء: فلم يثبت أمر بالقضاء، فلا توجب القضاء عليهما، أما من أوجب عليهما القضاء، فأستدل بالقياس، فقاسهما على المريض، والمريض قد وجب عليه القضاء لقوله تعالى: “×o£Ïèsù ô`ÏiB BQ$r& tyzé& ” (البقرة: 185)
ويجاب بأن هذا قياس مع الفارق، لأن الحامل والمرضع قد يطول فترة عذرهما وقد يصل إلى 60 يوماً أو 90 يوماً فطراً بأن تحمل فى رمضان، وترضع فى رمضان التالى ثم تحمل مرة أخرى فى رمضان الثالث، وإلحاقهما بالشيخ الكبير أولى من المريض الذى يمرض لأيام أو أسبوع أو اثنين على الأكثر ، فإلزامهما بالقضاء فيه مشقة عليهما ، لأن المرأة ضعيفة البنية. ، وإن كنت أرى أن جواز الإفطار والفدية ثابت بالقرآن والسنة المطهرة ولا داعى للقياس.
58 – هل إذا صام المسافر فى سفره فى رمضان، هل يجزأ عن فرضه؟
الراجح أنه يجزأ عن فرضه وهو مذهب عامة أهل العلم خلافاً للظاهرية
واحتجوا:
1- بما رواه مسلم عن أبى سعيد الخدرى قال: “سافرنا مع رسول الله r إلى مكة (فتح مكة) ونحن صيام، فنزلنا منزلاً، فقال النبى r : إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم ، فقال أبو سعيد : فكانت رخصة ، فمنا من أفطر، ومنا من صام، قال : ثم نزلنا منزلاً أخر ، فقال النبى r : إنكم مصبحوا عدوكم، والفطر أقوى لكم فافطروا، قال أبو سعيد: فكانت عزمة فأفطرنا، ثم لقد رأيتنا نصوم بعد ذلك مع رسول الله فى السفر.”
محل الشاهد : ثم لقد رأيتنا نصوم بعد ذلك مع رسول الله فى السفر ، إذن فما سبق ليس أخر الأمرين .
وإذن قوله تعالى: “`tBur tb$2 $³ÒÍsD ÷rr& 4n?tã 9xÿy ×o£Ïèsù ô`ÏiB BQ$r& tyzé&” (البقرة: 185) فيها مقدر محذوف وهو كلمة “فأفطر” أى أو على سفر فافطر فعدة من أيام أخر، وهذا التقدير المحذوف يسمى عند الأصوليين لحن الخطاب.
59- هل الأفضل في السفر الصيام أم الفطر ؟
الراجح ما ذهب إليه عمر بن عبد العزيز وابن المنذر من أن أفضلهما أيسرهما لقوله تعالى : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد لكم العسر ) البقرة : 185.
قال الشوكاني : لاشك أن الفطر أفضل في بعض المواضع :
1- لمن يشق عليه الصيام في السفر لقول النبي r في حديث جابر : “ليس من البر الصوم في السفر ، عليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها.”
2- في حق من أبى قبول الرخصة وتحرَّج من الأخذ بها ، فالفطر في حقه أفضل لقول النبي r في حديث أنس في الصحيحين : “من رغب عن سنتي فليس مني.”
3- من خاف على نفسه الرياء لأن المفطرين غالباُ يقومون عنه بأعماله.
4- لمن خرج للقاء العدو فدنا منه لحديث أبي سعيد الخدري السابق.
5- لمن يُقتدى به حتى يَقتدي به من وقع له شئ من هذه الأمور المذكورة سابقاً ، ويدل عليه حديث جابر في كراع الغميم لما قيل للنبي r : “أن الناس شق عليهم الصيام ، وإن الناس ينظرون فيما فعلت ، فدعا بقدح من ماء فشرب والناس ينظرون إليه.”
60 – من دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم، فصام أيام من رمضان، ثم سافر فهل يجوز له أن يفطر حينئذ ؟
الراجح جواز الفطر له، وهو مذهب الأئمة الأربعة وعامة أهل العلم
واحتجوا: بفعل النبى r ، ففى حديث أبى سعيد السابق فى فتح مكة وكان فى رمضان أن النبى صام مقيماً ثم سافر إلى فتح مكة.
61- لو أن إنساناً أثناء سفر فى رمضان، نوى الصيام من الليل وأصبح صائماً، فهل يجوز أن يفطر فى نهار هذا اليوم ؟
الراجح أنه يجوز له لحديث أبى سعيد السابق، فهم أفطروا أثناء النهار، بعدما نووا الصيام، وهو مذهب الجمهور خلافاً لمالك.
62 – من نوى الصيام ليلاً وهو مقيم، ثم أنشأ سفراً نهاراً بعدما أصبح صائماً، فهل يجوز له الفطر ؟
الراجح أنه يجوز له الفطر، وهو مذهب أحمد وإسحاق وعمر بن شرحبيل وأهل الظاهر
واحتجوا:
1- بأن النصوص الصريحة أثبتت الجواز، لا تفريق بين من كان مسافراً أو كان مقيماً، فمادام قد أنشأ سفراً، فله الفطر.
2- ما ثبت عند أحمد وأبى داود من حديث عبيد بن جبير قال: “ركبت مع أبى بصرة الغفارى سفينة من الفسطاط فى رمضان، فدفع (أي السفينة) ثم قرب غداءه ، ثم قال: اقترب، فقلت: ألست بين البيوت؟ فقال: أرغبت عن سنة رسول الله r.”
3- وما ثبت عند الترمذى عن محمد بن كعب قال: “أتيت أنس بن مالك فى رمضان وهو يريد سفراً ، وقد رحلت له راحلته، ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأفطر ، فقلت له: سُنّة؟، فقال: سُنّة ، ثم ركب.”
الشاهد: إن أبا بصرة وأنساً أفطروا وقد أنشأوا سفراً من النهار وقالوا سنة، وقول الصحابى سنة له حكم الرافع أى حجة شرعاً كأنه قول النبى.
63- من شرع فى السفر أثناء النهار وأخذ أهبة السفر فهل يجوز له السفر قبل التحرك وترك البنيان ؟
الراجح جواز ذلك، وهو مذهب أحمد وإسحاق وأهل الظاهر لأثر أبى بصرة وأنس السابقين.
64- إذا كان مسافراً فأفطر فى سفره ثم رجع إلى بلده مفطراً فى النهار، هل يجب عليه الإمساك بقية اليوم أو يستحب له ؟
الصواب ما جزم به الشافعى وغيره أن له أن يفطر بقية يومه، لكن عليه أن يسر بفطره لئلا يتعرض للتهمة، ولئلا يجزئ الفساق على الفطر برمضان والمجاهرة به.
65- هل يجوز الفطر فى سفر المعصية ؟
لا يجوز له الفطر فى سفر المعصية، لأن الفطر رخصة وليس عزيمة، ولأنه بذلك يتقوى على معصية الله.
66- ما السفر الذى يبيح الفطر ؟
أما بالنسبة لمسافة السفر: فالراجح كما سبق ورجحنا فى كتاب الصلاة فى باب المسافر أن الكتاب والسنة لم يفرقا بين سفر وسفر، ولم يرد تحديد لمسافة معينة فى السفر، فكل ما يسمى سفراً يجوز له الفطر فيه وهو مذهب أهل الظاهر ، وتراجع المسألة بأدلتها في كتاب الصلاة
أما بالنسبة لمدة السفر: فالراجح أنه يقصر الصلاة ويجوز له الفطر فى أربعة أيام فأقل، أما أكثر من ذلك، فلا يقصر ولا يفطر وزال عنه اسم المسافر وهو مذهب ابن عباس والشافعى وأهل الظاهر.
67- ما حكم السائق الذى يسافر طوال الشهر ؟
إن كان يستطيع ان يستغنى عن راتبة هذا الشهر ، أُستحب له ان يجلس هذا الشهر و يتفرغ للعبادة ، وان كان لا يستطيع ، فليفطر اذا لم يقو على الصوم ثم يقضى هذة الأيام و لو فى أيام العطلات
68- ما حم من تعمد الفطر في رمضان بدون سبب أو رخصة شرعية ؟ وماذا يجب عليه حينئذ ؟
من أفطر بلا عذر فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى الحكم بكفره، وليس هذا صحيحاً لحديث أبى هريرة المتقدم ذكره وفيه أن من تعمد القىء فعليه القضاء فقط ولم يحكم النبى بتكفيره، وكذلك ما سبق فى حديث الرجل الذى وقع على امرأته فى رمضان ، ولأنه ثبت فى زيادة عند أبى داود وابن ماجة : “واقض يوماً مكانه”، وكذلك عند سعيد منصور أن النبى قال له: ” تب إلى الله واستغفره وتصدق.”
فالواجب عليه إذن: أن يتوب إلى الله ويستغفره، وأن يكثر من الحسنات وأن يقضى يوماً مكانه.
هل يجب عليه الكفارة كما فى المجامع؟ الراجح مذهب الجمهور أنه ليس عليه الكفارة خلافاً لمالك حيث قاس شهوة الأكل والشرب على شهوة الفرج، لكن يجاب عليه بأن من تعمد القيء عليه القضاء فقط بنص الحديث، فليس قياس الأكل والشرب على الجماع بأولى من قياسهما على تعمد القيء، بجانب عدم ثبوت نص فى وجوب الكفارة عليه والأصل براءة الذمة من التكاليف.
وصيام الكفارة صيام شهرين متتابعين: فإذا مرض العبد أو سافر أو تخللهما أعياد؟
الراجح أن الفطر للمرض وللسفر وللأعياد لا يقطع التتابع وهو مذهب الجمهور.
وصيام الشهرين حسب عدد أيامهم سواء 29 أو 30 إذا بدأ من أول الشهر، فإذا بدأ من منتصف الشهر يصوم 58 يوماً (باعتبارهما 29يوماً) لأن النبى لما آلى من نسائه شهراً، دخل عليهم بعد 29 يوماً.
69- من لم يستطع تحرير رقبة ولا الصيام، وكان فقيراً لا يستطيع الإطعام هل يسقط عنه الإطعام، أم يبقى ديناً عليه إذا أيسر ؟
الراجح أنه يظل ديناً عليه خلافاً للشيخ الكبير، لأن الشيخ الكبير يفطر لعذر شرعى، أما هذا، فإنه أفطر متعمداً بلا عذر.
70 – هل قضاء رمضان على الفور أم على التراخى؟
الراجح أن قضاء رمضان على التراخى شريطة أن يقضى هذه الأيام قبل دخول رمضان التالى، وهو مذهب الأئمة الأربعة والجمهور خلافاً لابن حزم ، وتابعه الشيخ الألباني على ذلك.
وأعلم: أن الأصل أن كل واجب أوجبه الله علينا ولم يأقته بوقت معين، فالفرض علينا المسارعة والمبادرة للأمتثال فى أول أوقات التمكن وهو مذهب أحمد وأهل الظاهر.
ومسألة قضاء رمضان مندرجة تحت هذا الأصل، لكن وردت قرينة دلت على جواز تأخير القضاء، ما ثبت فى الصحيحين عن عائشة قالت: “كان يكون على صوم من رمضان ، فما استطيع أن أقضي إلا فى شعبان” ، وفى لفظ زيادة : “وذلك لمكان رسول الله r.”
71 – هل يجب التتابع فى قضاء هذه الأيام ؟
الراجح أنه لا يجب التتابع فى القضاء، فيجوز أن تصام متفرقة مادام أن الصيام على التراخى، وهو مذهب عامة أهل اعلم، لكنهم استحبوا التتابع
ولم يثبت فى ذلك حديث مرفوع إلى النبى، وجل ما ثبت آثار عن الصحابة بعضهم يوجب التتابع، والبعض الآخر لا يوجبه.
و كذلك فى صيام الكفارات والنذر اذا لم يشترط التتابع و هو مذهب الشافعى
72- هل يجوز القضاء فى أيام العيد وأيام التشريق ؟
يحرم الصيام فى أيام العيد وأيام التشريق وهو مذهب الجمهور لما ثبت فى الصحيحين عن أبى سعيد الخدرى : “أن النبى r نهى عن صوم يومين: يوم الفطر ويوم النحر.” ، وفي لفظ لأحمد والبخاري : “لا صوم في يومين” ، ولمسلم : “لا يصح الصيام في يومين”
ولما أخرج أحمد وأبو داود عن أبى مرة مولى أم هانئ أن عمرو بن العاص قال: “هذه الأيام (أى أيام التشريق) كان رسول الله rيأمرنا أن نفطرها، وينهانا عن صيامها.”
73- ماذا على من أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان التالى ؟
هذا الأمر لا يخلو من حالين:
1- من لم يتمكن من القضاء لاستمرار العذر الذى أفطر بسببه، فهذا لا شىء عليه، فيقضى بعد رمضان التالى وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة والظاهرية وعامة أهل العلم.
2- من أخر القضاء بغير عذر ، فلا خلاف في كونه آثماً عاصياً لله بذلك ، فيستغفر الله ويقضى تلك الأيام ولا إطعام عليه لأن الله لم يذكر إطعاماً ولا دليل عليه، وهو مذهب النخعى وأبى حنيفة والمزنى والحسن البصرى والبخارى وأهل الظاهر.
74- ماذا على من أخر قضاء الأيام فأدركه الموت ؟
عندنا حالتان:
الحالة الأولى: من أخر القضاء لاتصال الأعذار المانعة من الصيام: وفى هذه الحالة فمذهب عامة أهل العلم أنه لا شىء عليه.
الحالة الثانية: من أخر القضاء مع التمكن من قضاءها:
فالراجح أن أولياءه مخيرون بين أن يصوموا عنه أو يطعموا عن كل يوم مسكيناً، والأولى من باب الأحوط الصيام، وهو مذهب الشافعى فى القديم وبه جزم النووى وطائفة من محدثى الشافعية كالبيهقى، وهو ترجيح أبى ثور والشوكانى وابن حجر.
واحتجوا: بما ثبت فى الصحيحين عن عائشة أن رسول الله r قال : “من مات وعليه صيام، صام عنه وليه.”
واحتجوا للتخير بزيادة وردت عند البزار: ” إن شاء”، إلا أن هذه الزيادة منكرة كما قال الألبانى ، والمنكر : الذي يخالف فيه الضعيف الثقات ، فكان ينبغى أن نوجب الصيام على الولى كما هو مذهب الظاهرية، لكن لم نقل به لأنه لم يسبق للظاهرية سلفاً فى هذا القول، فلا يجوز إنشاء رأى فقهى جديد لا سلف له.
ما المراد بالأولياء فى الحديث؟ الراجح إنهم جميع الأقرباء سواء وارث أو غير وارث أو من غير العصبات – سواء ذكر أو أنثى – وهو ما جزم به الحافظ ، لما روى مسلم عن بريدة الأسلمى : “أن امرأة سألت النبى r أن أمها ماتت وعليها صيام شهر، فقال: صومى عنها.”
75 – رجل مات وعليه ثلاثين يوماً صيام، فأجتمع ثلاثين من أقاربه وصاموا يوماً واحداً، هل يجزئ ؟
الراجح ما قاله الحافظ: إذا كان يشترط فى هذه الأيام التتابع، فلا تصلح هذه الصورة لأنها تفتقد هذا التتابع، وإذا كان لا يشترط التتابع فتصلح هذه الصورة كما قال الحافظ .
76 – هلا حدثتنا عن آداب الإفطار والسحور؟
أما الإفطار: فقد اجمع العلماء على استحباب التعجيل بالإفطار:
1- لما ثبت فى الصحيحين عن سهل بن سعد أن رسول الله r قال: ” لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر “.
2- ولما ثبت فى الصحيحين عن ابن عمر أن النبى r قال: إذا أقبل الليل من هاهنا – وأشار بيده إلى ناحية الشرق – وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس ، فقد أفطر الصائم.” (أى دخل زمان فطره).
وفى رواية البخارى: فقد حل الإفطار.
3- وعند الأربعة عدا الترمذى من حديث أبى هريرة أن النبى r قال: “لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الإفطار، لأن اليهود والنصارى يؤخرون.”
4- وأخرج عبد الرزاق بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون : “كان أصحاب رسول الله r أسرع الناس إفطاراً، وأبطأهم سحوراً.” ، قال الحافظ : إسناده صحيح .
5- إذا كان الله شرع لنا صيام النهار فقط، فلا داعى لزيادة النهار بجزء من الليل، فهذا من الغلو، وإذا فتحنا الباب فسيقول واحد أمسك حتى يتشهد المؤذن، والأخر يقول حتى ينتهى من الآذان، وكل هذا من الغلو، وقد وقع أهل الكتاب فى هذا الأمر.
ما المراد بتعجيل الإفطار؟ أن يتناول تمرات أو رطبات أو ماء
لما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى عن أنس قال: “كان رسول الله r يفطر على رطبات قبل أن يصلى، فإن لم تكن رطبات فتمرات ، فإن لم تكن تمرات حسا حسواتٍ من الماء.”
وهذا يرد على من يقول أن من لم يجد تمر أو رطب، يفطر على الحلو من الطعام قياساً على الرطب والتمر.
أما السحور: فسنة سنها لنا النبى، ومن ترك السحور فقد خالف سنة النبى.
فثبت فى الصحيحين عن أنس مرفوعاً : “تسحروا فإن فى السحور بركة” ، وعند أحمد عن أبى سعيد الخدرى مرفوعاً : “السحور بركة، فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين.”
وأعلم أن: الأمر فى الحديث للاستحباب لا للوجوب، لاتفاق أهل العلم أن النبى واصل بأصحابه الصيام يومين أو ثلاثة، فلو كان واجباً ما أقرهم على تركه لمواصلة الصيام.
قال الحافظ: بركة السحور من أوجه :
1- إتباع السنة.
2- مخالفة أهل الكتاب : لما ثبت فى صحيح مسلم عن عمرو بن العاص أن النبى قال: “فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكله السحر.”
3- التقوى به على العبادة لما أخرج أحمد والنسائى عن المقدام بن معدي كرب أن النبى r قال: “عليكم بهذا السحور، فإنه هو الغذاء المبارك.” صححه الألباني ، ولعله سمى الغذاء مباركاً لأن الانسان يأكله بنية التقوي على الصيام ، فتكون أكلة السحر بذلك عبادة لله عز وجل.
4- زيادة نشاط البدن.
5- مدافعة الأخلاق السيئة التى يثيرها الجوع غالباً.
6- التسبب في الذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة.
7- تدارك النية لمن غفل عنها عند نومه.
76- هل يسن دعاء معين أو ذكر معين عند الفطر ؟
لم يصح فى ذلك إلا حديث أخرجه الدارقطنى وأبو داود والنسائي عن ابن عمر أن النبى r كان إذا أفطر قال: ” ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله” ، قال الدارقطني : اسناده حسن .
أما دعاء: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت، وبك أمنت… إلخ، فلا يثبت عن النبى r ، ولا يسن الدعاء به عند الفطر.
وكذلك حديث : ثلاث دعوات مستجبات ومنها : دعوة الصائم حين يفطر، كذلك لا يصح
لكن ثبت في الجملة أن دعوة الصائم مستجابة ، فقد روى البيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن النبي r قال : “ثلاث دعوات مستجابات : دعوة الصائم ودعوة المظلوم ودعوة المسافر.” ، والحديث وإن تكلموا في اسناده ؛ فقد صححه الألباني.
78- ما هو أفضل أوقات السحور ؟
السنة تأخير السحور لما ثبت عند البخاري عن أنس بن مالك عن زيد بن ثابت قال: “تسحرنا مع رسول الله r ثم قام إلى الصلاة، قلت: كم بين الأذان والإقامة؟ قال: قدر خمسين آية.” ، وعادة العرب تقدير الأزمان بالأعمال، فيقولوا قدر حلب شاة أو نحر جزور.
وعلق الحافظ على الحديث قال: وفيه إشارة إلى أن الأعمال التى كانوا ينشغلون بها فى شهر رمضان الذكر والدعاء وقراءة القرآن.
79- من سمع آذان الفجر، وطعامه وشرابه فى يده ، ماذا يفعل ؟
له أن يتم أكلته وشربته لما أخرج أبو داود عن أبى هريرة قال: قال رسول الله r : “إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضى حاجته منه.” ، وممن عمل بذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
80– ما هي وظائف شهر رمضان ؟
1- الإنفاق والجود: لما ثبت فى الصحيحين عن أبن عباس قال: ” كان رسول الله r أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه كل ليلة فى رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبى r القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة”.
2- قراءة القرآن: لحديث ابن عباس السابق، واقرأ لأحوال السلف مع القرآن فى رمضان.
3- شغل اللسان والجوارح بسائر الطاعات: لقول النبى عند البخارى من حديث أبى هريرة: من لم يدع قول الزور (الباطل) والعمل به، والجهل، فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه.
وللحديث القدسى المتقدم: إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، ولا يجعل، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إنى صائم.
4- قيام الليل (التراويح): سنة مؤكدة للرجال والنساء، وهى من أعلام الدين الظاهرة.
ثبت فى الصحيحين عن أبى هريرة أن النبى r قال: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
والمغفرة هنا المقصود بها مغفرة الصغائر لا الكبائر كما قال القاضى عياض، لأن الصلوات الخمس تكفر الصغائر إذا اجتنبت الكبائر كما جاء فى حديث مسلم عن أبى هريرة، والصلوات الخمس أفضل من غيرها، فمن باب أولى ألا يكفر قيام رمضان الكبائر لأنها أقل رتبة.
81 – هل الأفضل أن يصلى القيام فى بيته أم مع الجماعة ؟
الراجح استحباب صلاتها فى الجماعة، شأنها كشأن صلاة العيدين، وصلاة الخسوف والاستسقاء، وهو مذهب الجمهور، لما ثبت عن أحمد وأصحاب السنن عن جبير بن نُفَير عن أبى ذر قال: صمنا مع رسول الله r فلم يصل بنا حتى بقى سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا فى السادسة، وقام بنا فى الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه؟ فقال: ” إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة”.
والانصراف المقصود به الانصراف من الصلاة والانتهاء منها لا الانصراف من المسجد كما قال الإمام أحمد.
82 – ما هي عدد ركعات صلاة التراويح ؟
الراجح أن لا تحديد لعدد ركعات صلاة التراويح وأن الأمر موسع، فتصلى إحدى عشر أو ثلاث وعشرين أو كما يشاءون، وهو مذهب الأئمة الأربعة وابن المبارك والليث والجمهور.
واحتجوا:
1- بما ثبت فى الصحيحين عن ابن عمر أن النبى r قال: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة.
الشاهد: أن النبى r قال مثنى مثنى ولم يحددها بإحدى عشر ركعة.
2- ما أخرجه مالك عن يزيد بن رومان قال: كان الناس يقومون فى زمان عمر بثلاث وعشرين ركعة.
بجانب ما رواه المروزى عن عطاء بن أبى رباح: ادر كتهم يصلون فى رمضان عشرين ركعة، ويصلون ثلاث ركعات الوتر.
أما ما رواه المروزى عن محمد بن يوسف: أن عمر أمر أبى بن كعب وتميم الدارى أن يقوما بالناس فى رمضان، وكانت الصلاة أحد عشر ركعة، فكان القارئ يطيل القراءة حتى كانوا يتوكأون عى العصى من طول القيام.
فيجاب عنه كما قال الحافظ فى الفتح، وجزم به الداودى: أن أبى بن كعب وتميم الدارى كانا يطيلان القراءة والقيام، ويصليان أحد عشر ركعة، فلما شق ذلك على الناس، خففا قدر القراءة، وزادا فى عدد الركعات.
3- بجانب أن النبى r ثبت عنه أنه زاد عن أحد عشر ركعة، وصلى ثلاث عشر ركعة كما فى الصحيحين عن عائشة: كان رسول الله r يصلى من الليل ثلاث عشر ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس فى شىء منهن إلا من آخرهن.
83 – هل إكثار الركوع والسجود أفضل أم تطويل القيام فى حالة القراءة؟
الراجح أن طول القيام أفضل، وهو مذهب الشافعى، لما ثبت فى صحيح مسلم عن جابر أن النبى r قال: “أفضل الصلاة طول القنوت.”
وعند أبى داود والنسائى أن النبى r سُأل ما أفضل الأعمال ؟ قال: “إيمان لا شك فيه، فسُأل: ما أفضل الصلاة؟ فقال: طول القنوت، وفى رواية أبى داود: طول القيام”
أما الأحاديث التى تحدثت عن فضل السجود، فإنها تتحدث عن فضل السجود مجرداً أى بدون الحديث عن السجود داخل الصلاة.
84- من يصلى مع الإمام حتى ينصرف، ويريد أن يصلى فى بيته بعد ذلك ، ماذا يفعل ؟
عليه أن يصلى الوتر ركعتين مع الإمام، أى إذا سلم الإمام فى صلاة الوتر، فلا يسلم مع الإمام ويأتى بركعة ثانية ولا تحسب له وتر، ويوتر ليلاً فى صلاته فى بيته.
85 – ما حكم صيام المتبرجات؟
صيامهن صحيح، لكن بتبرجهن يقل ثواب الصيام حتى قد يذهب بالكلية، والمرأة المتبرجة لم تفقه الحكمة من تشريع الصوم، قوله تعالى: “لعلكم تتقون”، فالصيام إخراج للإنسان عن عاداته المألوفة (البطن، والفرج).
86- ما حكم صيام تارك الصلاة؟
حسب المذهب فى حكم تارك الصلاة، فعلى مذهب من يرى كفر تارك الصلاة، فإن صيامه غير مقبول، وعلى مذهب أن تارك الصلاة فاسق، فصيامه صحيح لكن ثوابه قليل.
87 – هل على الكافر صيام؟
الراجح من مذاهب أهل العلم أنه مطالب بالصيام كما أنه مطالب بالإسلام مثله مثل الجنب مطالب بالصلاة لكن مطالب بالغسل أولاً.
88- ما حكم صيام الصبى غير البالغ؟
الراجح استحباب صيام للصبى وهو مذهب الجمهور، وعلى الأولياء أن يدربوا أولادهم على الصيام وعلى كل أعمال الشريعة لأن البلوغ يكون فى نومة واحدة فيحتلم فيصير مكلفاً بكل أعمال الشريعة.
وفى الصحيحين عن الربيع بنت معوذ قالت: “كنا نصومه (أى رمضان) ونصومه صبياننا، ونذهب بهم إلى المسجد، ونصنع لهم اللعب، فإذا بكى أحدهم من الطعام دفعنا إليه باللعب حتى يحين موعد الإفطار.”
89- من كان عليه قضاء من رمضان، هل يصوم الستة قبل القضاء ؟
رجحنا سابقاً أن قضاء رمضان على التراخى، فيجوز صيام الست قبل قضاء رمضان لاسيما لمن ضاق عليه شوال لو قضى.
90- هل يجوز صيام الستة وصيام الثلاث الأيام البيض بنية واحدة ؟
الظاهر ، والله أعلم ، جواز ذلك ، و منع من ذلك الشوكانى وأعتبرهما سنتين مستقلتين .
91- امرأة صامت قضاء رمضان وأضافت نية الستة البيض ، هل صيامها صحيح؟
الراجح ما ذهب اليه مالك و الشافعى و أهل الظاهر و الجمهور من ان صيامها غير صحيح ولا يجزئ عن القضاء ولا النفل لفساد النيتين ، لأنها لم تصم كما أمرت
92- ما هي أفضل أيام صيام التطوع ؟
رغب الشرع فى صيام أيام غير رمضان و أشترط على المرأة أذن الزوج لصيامها لقول النبي r : ” لا يحل لامرأة تؤمن بالله و اليوم الأخر ان تصوم و زوجها شاهد إلا بأذنه ” (متفق علية) ، و هذة الأيام هى:
1- ستة أيام من شوال:
يستحب أن يُتبع رمضان ست من شوال – لا يشترط تتابعها- لأن هذا يعدل صيام الدهر، فعن أبى أيوب الأنصارى أن رسول الله r قال: ” من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، فذلك صيام الدهر”. (رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي).
وإنما كان ذلك كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين، كما فى حديث ثوبان عن النبى r قال: ” من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة ، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.” (أخرجه أحمد وابن ماجة)
وقد استحب صيام هذه السنة كثير من أهل العلم منهم الشافعى وأحمد، وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومالك إلى كراهة صيامها لئلا يعتقد وجوبه إلحاقاً برمضان، ولا وجه لهذه الكراهة لمعارضتها النص الصحيح الصريح باستحبابها، ثم إن الإلحاق إنما خيف فى أول الشهر، أما فى آخره فقد فصل بينه وبين غيره بيوم العيد الذى لا يجوز صومه.
2، 3- صيام المحرم، وتأكيد التاسع والعاشر (عاشواء):
يستحب الإكثار من الصيام فى شهر المحرم، لحديث أبى هريرة أن النبى r قال: ” أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفرصة صلاة الليل”. (رواه أحمد ومسلم).
ويتأكد الاستحباب فى صيام العاشر من المحرم (عاشوراء)، فعن أبى قتادة أن النبى r قال: “صوم يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية.” (رواه مسلم)
ويستحب أن يصوم قبله يوم التاسع من المحرم، لحديث ابن عباس قال: ” حين صام رسول الله r عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله r : ” فإذا كان العام المقبل – إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع” قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفى رسول الله r” (رواه مسلم).
وقد ذهب إلى استحباب الجمع بين صيام التاسع والعاشر من المحرم: مالك والشافعى وأحمد حتى لا يتشبه باليهود فى إفراد العاشر.
تنبيه: ذهب بعض العلماء إلى استحباب صيام الحادى عشر مع التاسع والعاشر مستدلين بما روى عن ابن عباس أن النبى r قال: ” صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود، صوموا قبله يوماً وبعده يوماً” لكنه حديث ضعيف جداً فليس فيه حجة لاستحباب صيام الحادى عشر.
4- الإكثار من الصيام فى شعبان:
فقد كان النبى r يصومه كله إلا قليلاً، فعن عائشة قالت: ” كان رسول الله r يصوم حتى نقول لا يُفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت أكثر صياماً منه فى شعبان” (متفق عليه).
5- صيام يوم عرفة لغير الحاج:
يستحب للحاج أن يصوم يوم عرفة، لحديث أبى قتادة قال: قال رسول الله r: ” صيام يوم عرفة يكفر سنتين : ماضية ومستقبلة.” (رواة الجماعة إلا البخاري والترمذي)
وتكفير السنتين إما أن يراد به أن الله تعالى يغفر له ذنوب سنتين [إذا اجتنبت الكبائر] أو أنه يعصمه فى هاتين السنتين، فلا يعصى فيهما.
لا يستحب للحاج صيام عرفة: فقد كان هدى النبى r وخلفائه الراشدين، الفطر يوم عرفة بعرفة، فعن ميمونة : ” أن الناس شكوا فى صيام النبى r يوم عرفة، فأرسلت إليه بحلاب – وهو واقف فى الموقف- فشرب منه، والناس ينظرون ” (متفق عليه).
والأفضل للحاج أن يفطر يوم عرفة اقتداء بالنبى r وخلفائه، ولما فيه من التقوية على الدعاء والذكر فى هذا الموقف، وهذا مذهب جمهور العلماء.
6- صيام الاثنين والخميس:
فعن عائشة قالت أن رسول الله r كان يتحرى صيام الاثنين والخميس” (رواه الخمسة إلا أبا داود)
وسال أسامة بن زيد رسول الله r عن صيامه الاثنين والخميس، فقال r: “ذاك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، وأحب أن يعرض عملى وأنا صائم”. (رواه أحمد والنسائي)
7- صيام ثلاثة أيام من كل شهر:
ثبت فى الصحيحين عن أبى هريرة قال: ” أوصانى خليلى r بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتى اضحى، وأن أوتر قبل أن أنام”.
ويستحب أن تكون الثلاثة البيض: وهى الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر، لقول النبى r: ” صيام ثلاثة أيام من كل شهر، صيام الدهر، أيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة” (النسائى).
8- صوم يوم وفطر يوم (صوم داود u):
وهذا أفضل الصيام، وأعدله، وأحبه إلى الله عز وجل، فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله r : ” أحب الصلاة إلى الله صلاة داود u ، وأحب الصوم إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً” وفى رواية “وهو أعدل الصيام” (متفق عليه).
لكن هذا مشروط بمن لم يضيع ما أوجب الله عليه بسبب الصيام، فإن ضيع الفرائض أو انشغل به عن مؤنه أهله كان منهياً عنه.
فائدة: يستحب أن لا يخلى شهراً من صوم ، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: هل كان النبى r يصوم شهراً معلوماً سوى رمضان حتى مضى لوجهه، ولا افطر حتى يصيب منه” (رواه مسلم).
فيتحسب أن لا يخلى شهراً من صيام، فإن النفل غير مختص بزمان معين، بل السنة كلها صالحة له إلا ما نهى عن صومه وإن كان الأفضل الصيام من الأيام التى رغب الشرع فى صيامها.
93- هل ثبتت فضيلة معينة في صوم النصف من شعبان؟
فمن لم يكن من عادته الإكثار من صيام شعبان أو صيام الأيام الثلاثة البيض، فخص يوم الخامس عشر من شعبان بالصيام معتقداً اختصاصه بفضيلة، ففعله بدعة إذ لا يصح فى فضل النصف من شعبان ولا صيامه حديث عن رسول الله r، وكل ما ورد فى هذا فهو شديد الضعف أو موضوع كحديث على مرفوعاً: ” إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها……” (أخرجه ابن ماجه).
94- هل يجوز الصيام بعد انتصاف شهر شعبان ؟
روى الخمسة عن أبى هريرة ان النبى r قال : ” اذا انتصف شعبان فلا تصوموا ” صححة الشيخ الألبانى ، و النهى محمول على من لم يكن له عادة ، اما من كان له عادة فليصم .
ويؤيد هذا الأحاديث الصحيحة كحديث عائشة المتقدم في صيام النبي لأكثر شعبان ، وحديث أبي هريرة أن النبي r قال : “لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صوماً فليصمه.” (متفق عليه) ، ففيه النهي عن صوم يوم أو يومين إلا أن يكون صوماً اعتاده فلا بأس .
95- ما هي الأيام المنهى عن صيامها ؟
1، 2- يوما العيدين:
أجمع العلماء على تحريم صوم يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى بكل حال، سواء صامها عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك.
لما ثبت فى الصحيحين كل عن أبى عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب t فقال: هذان يومان نهى رسول الله r عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم”.
3- أيام التشريق: (ثانى وثالث ورابع أيام عيد الأضحى)
ولا يجوز صومها تطوعاً فى قول أكثر أهل العلم، لحديث نُبَيشة الهذلى قال: رسول الله r: “أيام التشريق أيام أكل وشرب” (رواه مسلم)
ولما أخرج أحمد عن أبى مرة مولى أم هانئ: انه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو ابن العاص، فقرب إليهما طعاماً فقال: ” كُلْ، فقال: إنى صائم، فقال عمرو: ” كُلْ، هذه الأيام التى كان رسول الله r يأمرنا أن نفطرها، وينهانا عن صيامها”.
لكن: يُرخَّص للحاج الذى لم يجد الهدى أن يصوم فيها، فعن عائشة وابن عمر قالا: ” لم يرخص فى أيام التشريق أن يُصَمْن إلا لمن لم يجد الهدى “. (رواه البخارى)
4- صوم يوم الجمعة منفرداً:
لا يجوز صوم يوم الجمعة إلا لمن صام يوماً قبله، أو يوماً بعده، أو كان يصوم يوماً ويفطر يوماً فصادف صيامه الجمعة فلا بأس بذلك.
فعن أبى هريرة t قال: قال رسول الله r : ” لا تصوموا يوم الجمعة إلا قبله يوم أو بعده يوم.” (متفق عليه) وهذا مذهب الشافعى وأحمد.
وإذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة فلا حرج فى إفراده بالصيام، فإن النهى إنما هو عن تعمده بعينه.
5- صيام يوم الشك:
سبق أن بينا أنه لا يجوز أن يستقبل رمضان بصيام يوم أو يومين على نية الاحتياط لرمضان، وهذا لمن لم يصادف عادة له.
6- صيام الدهر:
ثبت فى الصحيحين عن عبد الله بن عمرو أن النبى r لما بلغه أنه يسرد الصوم قال له: “لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد”.
فيكره صوم الدهر، وإن لم يجد مشقة أو ضعفاً.
7- الصوم بعد النصف من شعبان
روى الخمسة عن أبى هريرة ان النبى r قال : ” اذا انتصف شعبان فلا تصوموا ” صححة الشيخ الألبانى ، و النهى محمول على من لم يكن له عادة ، اما من كان له عادة فليصم .
8- كراهة وِصال الصوم:
يكره مواصلة الصوم ومتابعة بعضه بعضاً دون فطر أو سحور، لقول النبى r: “إياكم والوصال” ، قيل : إنك تواصل ؟ قال: إنى أبيت يطعمنى ربى ويسقينى، فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون” (متفق عليه) ، لكن إذا لم تكن هناك مشقة فلا بأس بالوصال إلى السحر فقط، لقوله r : ” لا تواصلوا ، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر” (رواه البخارى عن أبي سعيد الخدري).
96- هل يكره صوم السبت منفرداً ؟
عن عبد الله بن بُسر عن أخته – واسمها الصماء – أن النبى r قال: ” لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب ، أو لحاء شجرة فليمضغه” (رواه الخمسة إلا النسائي) صححه الشيخ الألباني ،
إلا ان الراجح جواز صوم يوم السبت منفرداً وأن هذا الحديث منسوخ كما قال أبو داود بأحاديث أخرى منها مارواه الجماعة إلا النسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يومٌ أو بعده يوم ٌ” ، ولما رواه البخاري عن جويرية أن رسول الله صلى الله وسلم دخل عليها في يوم جمعة وهي صائمة فقال لها : ” أصمت أمس؟ ، قالت : لا ، قال : أتصومين غداً؟ ، قالت : لا ، قال : فأفطري.”
ولا يمكن حمل النصوص الدالة على صومه على ما اذا صامه مع غيره وحديث النهي على صومه وحده كما ذهب بعض اهل العلم كالعلامة الألباني لأن حديث النهي دل على المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافاً لأن الإستثناء دليل التناول ، وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صوره صومه إلا صورة الفرض ، ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد لقال : لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده كما قال في الجمعة ، فلما خص الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قبلها ، وقد ثبت صوم يوم السبت مع غيره بما تقدم من الأحاديث وغيرها ، فدل على نسخه.
97- هل يُشرع صيام رجب ؟
لم يصح فى فضل صيام رجب بخصوصه شىء عن النبى r ولا عن أصحاب، فأحاديثه كلها ضعيف، بل موضوعة مكذوبة.
فلا يجوز تحرى صيام رجب خاصة أو تخصيص أوله بصيام، وقد كان عمر يضرب على صيامه، فعن خرشة بن الحر قال: ” رأيت عمر يضرب أكف الناس فى رجب حتى يضعوها فى الجفان، ويقول: كلوا، فإنما هو شهر كان يعظمه أهل الجاهلية” (أخرجه ابن أبى شيبة).
وعن محمد بن زيد قال: ” كان ابن عمر إذا رأى الناس وما يعدون لرجب كره ذلك” (أخرجه ابن أبى شيبة).
وعن عطاء قال: ” كان ابن عباس ينهى عن صيام رجب كله، لأن لا يتخذ عيداً ” (أخرجه عبد الرزاق).
98 – كيف يفطر المسافر الذى بدأ الصيام من مصر و سافر الى الأردن مثلاً ؟ يفطر مع الأردن.
99- الدم الذى ينزل من اللسّا فى الفم ، هل يفطر ؟ اذا اُبتلع خطئاً فلا شئ علية ، يفطر اذا تعمد.
100- هل من حق الزوج أن يأمر زوجتة بالفطر أثناء صيامها بعد أن أذن لها ؟ لا ، الأمر ليس تلاعب .
101 – ما العمل لمن يعيشون في الإسكيمو والبلاد التي يكون بها النهار ستة أشهر أو الليل ، كيف يمسكون أو يفطرون ؟ يمسك ويفطر مع أقرب بلد له تشرق الشمس فيها وتغرب في نفس اليوم .
102 – في البلاد التي يطول فيها النهار حتى قد يصل ل18 ساعة أو 20 ، هل يتحملون المشقة ويصومون أم يفطرون كما قال البعض مع مكة ؟ نحن متعبدون بالإمساك منذ طلوع الشمس حتى غروبها ، فمادام الشمس تشرق وتغرب في نفس اليوم ، فيجب عليه الإمساك والإفطار معها ، حتى لو كانت تغرب ساعة واحدة .
103- ما حكم انتباذ الخليطين ؟
الإنتباذ : من النبذ أي النقع ، تقول : نبذت التمر أي : نقعته في الماء ، ومثله حديثاً الخشاف
حكمه : ذهب جمهور العلماء إلي : تحريم نبذ الخليطين ، يعني نبذ تمر مع زبيب ، أو زبيب مع تين ، أو تمر مع تين ، وهكذا …وأنه لابد أن ينتبذ كل منهما علي حدته .
وذهب فريق من أهل العلم إلي أن النهي عن ذلك إنما هو لأجل الإسكار ؛ لأنه يسارع إليه الإسكار – التخمر – لكن كما قرر القرطبي : أن هذه ليست علة منصوصة وإنما هي علة مستنبطة . وعلي ذلك لنا أن نقول : إنه إن نبذ الخليطين فأصاب هذا الخليط التخمر فشربه مع ذلك ، يكون بذلك قد وقع في معصيتين، الأولي : أنه نبذ خليطين وقد نهي عن ذلك ، والثانية: أنه شرب مسكراً .
وقد ذهب أبو حنيفة إلي عدم التحريم ولا الكراهة ؛ لأن نَبْذ كل واحد منهما علي حدة : حلال ، فالجمع بين الحلالين حلال ، وتعقبه الجمهور بأن الله أباح للرجل أن ينكح المرأة وينكح أختها وحرم عليه أن يجمع بين الأختين.
متابعات