اليمن ومعركته مع وباء فيروس كورونا كوفيد 19و ما يجب على الفرد والمجتمع ومؤسساته لمواجهته خاصة انه لن ينتهي قريبا .. مقالة تستحق اعادة نشرها للاستاذ الدكتور محمد الحوثي- استاذ امراض القلب استشاري اول امراض الباطنه والقلب حيث تناولت نقاط مهمة يجب الوعي بها فاليمن أمام معطيات محددة وواضحة فيما يخص فيروس كورونا وآفاق انتشاره، وأي مواجهة معه يجب أن تنطلق من الوعي بهذه المعطيات والتصرف على أساسها فرديا” وجماعيا” ، ليس لإنهاء الوباء بل للحد من انتشاره وآثاره المدمرة على الصحة العامة وعلى المجتمع وعلى مؤسساته:
من خلال النظر لتجارب معظم دول العالم التي اصابها وباء كورونا المستجد فكل دوله كان لها تجربتها الخاصه ومحاوله ايجاد الوسائل المناسبه لوقايه مجتمعاتها من الاصابه بالفيروس، بحسب امكانياتها وخصوصياتها مع الاخذ بالنصح من دول اخرى او منظمات دوليه كمنظمة الصحه العالميه. وبالنسبه لبلدنا اليمن ونتيجة لما يمر به من عدوان وحصار جائر لاكثر من خمس سنوات ادت لتدهور وانهيار المنظومه الصحيه وكذلك المنظومة الاقتصاديه تعرضت للتدهور كثيرا” وهذا يشكل تحديات كبيره للمجتمع ولمؤسسات الدوله المختلفه
اليمن أمام معطيات محددة وواضحة فيما يخص فيروس كورونا وآفاق انتشاره، وأي مواجهة معه يجب أن تنطلق من الوعي بهذه المعطيات والتصرف على أساسها فرديا” وجماعيا” ، ليس لإنهاء الوباء بل للحد من انتشاره وآثاره المدمرة على الصحة العامة وعلى المجتمع وعلى مؤسساته:
1. فيروس كورونا مرض فيروسي يصيب الجهاز التنفسي، للانسان وينتقل من شخص لاخر عبر الرذاذ او القطيرات الحامله للفيروس وهو سريع الإنتشار جدا وهو يشبه فيروس انفلونزا السارس والخنازير وانفلونزا الشرق الاوسط الا ان خطورته تكمن في انه ينتشر قبل ظهور الاعراض على المريض
فيصبح انتشاره اسرع والاصابه بالفيروس غير قاتله ونسبة الوفيات قليله فهي حوالي 6% اي اذا اصيب سته اشخاص فقد يموت شخص واحد والبقيه يتعافون ويصبح عندهم اجسام مضاده تقيهم الاصابه بالفيروس مستقبلا ‘ مع ملاحظه ان كبار السن او المرضى الذين لديهم اصابات مرضيه مزمنه بالقلب والرئتين والداء السكري ونقص المناعه هم الاكثر عرضه للوفاه من غيرهم
وللعلم فان نسبه الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا متدنيه مقارنه بكثير من الأمراض الأخرى كالكوليرا و الملاريا والضنك والمكرفس وغيرها من الاوبئه الموجوده باليمن وبدول العالم الثالث
2. الخوف والرعب من الفيروس في معظم دول العالم بسبب ان الفيروس جديد (مستجد) ولانه جائحه اصابت معظم دول العالم وايضا لان الفيروس ينتشر بسرعه وفي مرحله مبكره قبل ظهور الاعراض مما يزيد اعداد المصابين بالفيروس حتى اصبحت جائحه تصيب معظم دول العالم وكما ذكرت بان الخطوره فيه تكون لدى كبار السن والمرضى المصابين بامراض مزمنه وهؤلاء اعداهم كبيره جدا بدول العالم المتقدم وقد تتطور حالتهم بسرعه ويحدث لديهم صعوبه شديده بالتنفس مما يستدعي دخولهم المستشفيات وهذا يشكل ضغط كبير على المنظومات الصحيه والتي هي متطوره بالفعل وكثير من الحالات التي دخلت المستشفيات قد تحتاج لوضعها على احهزه تنفس اصطناعي (VENTELIATOR) وهذه الاجهزه متوفره ولكن ليس بشكل كبير مما شكل ضغط هائل على المنظومات الصحيه بالعالم ولذلك حصل هذا الهلع والخوف بدول العالم المختلفه التي اصابتها الجائحه وتسعى الحكومات للتزود باجهزه تنفس اصطناعي وبعض الدول وجهت مصانع السيارت او الطائرات لتصنيع اجهزة التنفس الاصطناعي وبناء مستشفيات ميدانيه كبيره جدا لتتسع للعدد الكبير من الحالات التي يتطلب دخولها المستشفيات ولاحظنا كيف كانت الدول الاوربية وامريكا واليابان والصين التي نظامها الصحي متطور عاجزة عن معالجه العدد الكبير من الحالات فما بالكم بالدول الفقيره او التي تتعرض للحروب وانظمتها الصحيه ضعيفه او منهاره.
3. الحجر الصحي وحظر التجول
هناك فرق كبير بينهما فالحجر الصحي هو عباره حجر للمرضى ويكون بمراكز متخصصه او مستشفيات اما المخالطين للمرضى او الذين لم تظهر عليهم اعراض فالحجر الصحي يكون بالمنازل او الفنادق او اماكن تخصص لذلك
اما حظر التجوال فمعناها عدم الخروج من المنازل لاي شخص (عدا من يسمح لهم بالخروج كالطواقم الطبيه والاعلاميه والامنيه) ويحتاج تطبيق هذا النظام الصارم لوجود وعي اجتماعي عالي ونظام امني صارم وقد يحتاج لنزول الجيش للشوارع كما حدث في عدد من الدول
وطبعا الحجر الصحي او حظر التجوال يختلف من بلد لاخر بحسب البنيه الاقتصاديه والامنيه ووجود، ادرات متخصصه لادراه الازمات وخوف الدول من حدوث إنهيار بمؤسسات الدوله او تدهور الوضع بشكل الذي، قد، يؤدي لسقوط الحكومات او انهيار الدوله
الحجر الصحي والحظر العام له اثار اجتماعيه واقتصاديه كبيره وله عواقب وخيمه لذلك تقوم الدول بتوفير الغذاء والاحتياجات للمواطنين
وبعض الدول تعمل حظر جزئي للتخيف من اعباؤها وتسمح للناس بالخروج لشراء احتياجاتهم
وهذا الحظر يؤدي لتوقف الخدمات وتوقف العمل والمصانع مما يؤدي لنتائج اقتصاديه كارثيه على الدول ولاحظنا كيف بدات هذه الدول في التخفيف من اجراءات الحظر لان الاستمرار بهذه الاجراءات سيؤدي في النهايه لانهيار الدول وافلاسها
الدول الفقيره ومنها اليمن وكثير من بلدان العالم حيث لا يوجد مؤسسات تامينات اجتماعيه عملاقه تؤمن للمواطنين اكلهم وشربهم خصوصا في وجود الجائحات والاوبئه ومعظم المواطنين يعتمدون على الاجر اليومي او العمل الموسمي فمن الصعوبه اجراء حظر التجوال الشامل ولكن ممكن عمل الحجر الصحي للمرضى والمخالطين واجاءات اخرى
3. التهويل والهلع والرعب الذي يصنعه الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي جعل من فيروس كورونا كوفيد وباء دمار شامل، أما في الشعوب الفقيرة والتي تعاني الحروب لديها امراض فتاكه اخرى تحصد الأرواح يوميا كالكوليرا والملاريا وحمى الضنك والمكرفس والسرطانات وغيرها من الامراض التي تحصد ارواحهم ليلا ونهارا” ولذلك يجب أن يتعامل الناس في اليمن ودول العالم الثالث مع هذا الفيروس بهدوء ووعي تام، وتظافر الجهود البسيطه المتعدده لتشكيل جبهه موحده لمواجهه الوباء
4. هناك بعض الدول المتقدمه صحيا” واقتصاديا” تعاملت مع الوباء من وجهه نظر أخرى وهي نظريه المناعه الجماعيه (نظريه القطيع) وعدم الحظر الكامل سيؤدي لتخفيف الاصابه المجتمعيه التي لا تشكل عبء على المنظومه الصحيه للبلد وتتشكل اجسام مناعيه لدى الذين تم شفاؤهم مع الوقت وبالتالي ستتشكل مناعه المجتمع (مناعه القطيع). وخرجت هذه الدول بخسائر بشريه قليله وحصلت على مناعه مجتمعيه ولكنها تعافت اقتصاديا واجتماعيا مثل فنلندا والسويد والدنماركوتايوان ودول اخرى …
وهذا النموذج من المناعه المجتمعيه(مناعه القطيع) قد يكون الخيار الامثل لبعض الدول التي انظمتها الصحيه ضعيف او منهاره
ا5. معظم الدراسات والابحاث تشير إلى أن الفيروس لن ينتهي قريبا” وان مراكز الابحاث وشركات الادويه في الدول الكبرى تسعى لايجاد، لقاح وهذا اللقاح لن يكون متوفرا” قبل اشهر او سنوات (فيروس الايدز او السارس مثلا” لم يتم ايجاد لقاح حتى الان)، ولو تم ايجاد لقاح سيكون مكلف وسيكون في البدايه حكرا” على الدول الغنيه والشى المحبط ان هناك اراء علميه تقول بان الفيروس سيكون له هجمات وجائحات اخرى وممكن ان يتحور ويتغير
ولذلك أدركت الدول الكبرى خطوره الانهيار الاقتصادي والذي سيؤدي لانهيار الدوله فبادرت بخفض القيود والفتح الجزئي التدريجي لاعاده عجله الحياة والتي يهمهم الاقتصاد
عودة” للنقاط الرئيسيه لمكافحه الفيروس
فهو وباء عالمي غير مخجل الاصابه به ويجب ان تكون فيه المعلومات صادقه وشفافه لانها ستشكل عامل ثقه وتكامل بين مؤسسات الدوله المختلفه وبين افراد المجتمع
اداره الازمات تحتاج لتكاتف الجميع وتديرها اداره مهنيه فنيه من مختلف مؤسسات الدوله لايجاد خطه كامله لايجاد حلول للمشاكل التي تحدث وتعدل من الخطط بحسب تقييمها للازمه ويجب ان يتحلى المواطنين بروح عاليه من الوعي لنجاح هذه المنظومه التي تسعى لتحسين وضعه وابعاده عن الاصابه بالوباء
ويجب ان تكون الاجراءات متكامله بين الدوله ومؤسساتها وبين افراد المجتمع
الاجراءات الضروريه علي المجتمع:
التحلي بمستوئ عال” من الوعي بخطوره الوباء والقيام بالاجراءات الوقائية بدقه
1. غسل اليدين بشكل متكرر بالماء والصابون او الكحول او المطهرات والمعقمات
2. التباعد الجسدي بمسافه 1.5 -1 متر عن الاخرين وخاصه المشتبه باصابتهم
3. تجنب الاماكن المزدحمة واماكن التجمعات خاصه في الاماكن سيئه التهويه وعدم الاقتراب من المشتبه باصابتهم
4. تجنب العطاس والكحه والسعال الا بمناديل تتخلص منها فورا
5. ابعاد كبار السن والمرضى المصابين خصوصا مرضى القلب والضغط، والداء السكري والمرضى الذين يتناولون ادويه مناعيه او المرضى المصابين بامراض رئويه مزمنه ومحاوله ان يتجنبوا التعرض لاي مصابين بالسعال والكحه او المصابين حتى بالزكام او الانفلونزا الموسميه
6.تجنب المصافحه والسلام تحيه.
وعلى المستوى المؤسسات المختلفه
1. المصداقيه والشفافيه واعطاء معلومات حقيقيه للمواطنين عن الفيروس والاصابات والوفيات ليس لتخويفهم ولكن لكي ياخذوا الامر على محمل الجد ويقومون بالاجراءات الاحترازيه بدقه. فالاستهتار وعدم الوعي الحقيقي لدى أغلب البشر هو الخطر الأكبر الذي يهدّد بتوسع انتشار وباء فيروس كورونا وحصد المزيد من الأرواح والتسبب بكوارث بشرية قاسية.
2. الحجر الصحي على المصابين بفيروس كورونا في اماكن مخصصه او مستشفيات مخصصه لذلك
3. الحجر الصحي على المخالطين للمرضى باماكن خاصه كالفنادق او اماكن تخصص لذلك حتى انتهاء الفتره المحدده.
4. اعطاء الطواقهم الطبيه اولويه للوقايه من الاصابه وتزويدهم بالملابس الخاصه للوقايه من الوباء لانهم في الصفوف الاماميه من هذه المعركه
5. الحجر الصحي على جميع القادمين من الخارج .
هذه الاجراءات الاحترازية والتنفيذية ستشكل العامل الحاسم في مواجهة كورونا كوفيد19 والخروج من هذه المعركه الصحيه غير المتكافئه باقل ما يمكن من الخسائر