التخطي إلى المحتوى
الصين وروسيا ترتبان صفوف العالم الجديد | اتفاق السعودية وايران اتفاق تاريخي سيقلب الموازين في القرن الواحد والعشرين
اتفاق السعودية وايران اتفاق تاريخي

الصين وروسيا ترتبان صفوف العالم الجديد | اتفاق السعودية وايران اتفاق تاريخي سيقلب الموازين في القرن الواحد والعشرين

اتفاق السعودية وايران اتفاق تاريخي سيقلب الموازين في القرن الواحد والعشرين فبعد عداء دام أكثر من أربعين عاما بين السعودية وإيران، ذلك العداء الذي لطالما ألهب المنطقة بشرارات الحروب، يبدو أن الصين استطاعت استخدام ذلك العداء في توجيه صفعة مؤلمة على وجه الولايات المتحدة الأمريكية، وسحب البساط من تحت قدميها في المنطقة، وكأنها تقول للوحش الأمريكي المرعب: “لا مكان لكم هنا، فلتعجلوا بنقل عفشكم”..
فلم تمض أيام قليلة على الوساطة الصينية بين السعودية وإيران، برعاية الرئيس الصيني نفسه “شي جين بينج”، لإصلاح الأمور وإنهاء الخلافات بين البلدين، فوجىء العالم منذ ساعات قليلة ببيان مشترك من الدول الثلاث، يعلنون فيه نجاح المفاوضات والمبادرة الصينية في إنهاء الخلافات السعودية – الإيرانية، وعودةَ العلاقات بين البلدين، وتم الاتفاق على إعادة فتح القنصليات والسفارات المشتركة بينهما، في غضون شهرين على الأكثر، وكأن لسان حال السعودية يقول لإيران: “بالأحضان يا عدوي العزيز، فهناك عدو مشترك يتربص بنا، علينا القضاء عليه أولا”..
ولكن.. ما هي كلمة السر في نجاح الوساطة الصينية؟

 

الصين وروسيا ترتبان صفوف العالم الجديد

الضمان الصيني

لم تكن الوساطة الصينية هي الأولى من نوعها لإنهاء العداء بين السعودية وإيران.. فسنوات العداء الطويلة بين البلدين تخللها الكثير من الوساطات لإنهاء الخلاف بينهما، ولكنها فشلت جميعها ولنفس السبب، وهو أن السعودية لا تأمن غدر إيران ، فمن يضمن لها ظهرها إذا ما نقضت إيران العهود؟ وكما هو حال السعودية نجد نفس الحال في إيران، فكل طرف يتهم الآخر بعدم الإيفاء بالعهود.. لتجد السعودية وإيران ضالتمها في الصين..
فعندما تعلن دولة بحجم الصين أنها تضمن للسعودية ظهرها من غدر إيران، وتضمن لإيران ظهرها من غدر السعودية، فبالطبع لن تجرؤ أي من الدولتين على مجرد التفكير في نقض الاتفاقيات، لأنها إن فعلت، ستجد نفسها تواجه الجحيم الصيني وغضب الدب الروسي، فنحن نتحدث عن خارطة التحالفات الجديدة يا سادة، لذا، كان الضمان الصيني للطرفين هو كلمة السر في نجاح المفاوضات التي لطالما فشلت على مدار عشرات السنين.. فقد كسرت الصين حجتهما..

صفعة على وجه أمريكا

ما فعلته الصين ووساطتها في الصلح بين السعودية وإيران، أقل ما يقال عنه إنه أكبر صفعة سياسية أصابت وجه الولايات المتحدة في القرن الواحد والعشرين.. فالولايات المتحدة كانت هي المستفيد الأكبر من العداء بين البلدين، فقد كانت تحصل على مليارات الدولارات من السعودية لإنعاش الاقتصاد الأمريكي، مقابل حمايتها لها من الخطر الإيراني، كما كانت تهدد إيران في المفاوضات الخاصة ببرنامجها النووي، أي أنها إن لم تخضع لأوامرها، فسوف تستغل الأموال السعودية في تمويل حملة عسكرية لضربها، فهي تبحث لتمول بنكها الزمني من أجل أن تنهي برنامجها النووي..
أما الآن، ومع الوضع الجديد وعودة العلاقات بين البلدين، لا أموال سعودية ستنعش الاقتصاد الأمريكي مقابل الحماية، ولا تهاون من إيران في مفاوضاتها النووية، وأصبحت الولايات المتحدة نفسها تحت التهديد.. لتحرق الصين ورقة العداء الإيراني – السعودي، والتي كانت تضغط بها الولايات المتحدة على دول المنطقة.. فأصحاب العيون الضيقة لا يمزحون..

ما الذي يجبر السعودية وايران على انهاء الخلافات بينهما؟

ولكن ما الذي يجبر السعودية وايران على انهاء الخلافات بينهما? هل هي القوة الصينية? ام ان الامر كان له حسابات اخرى? السعودية تقطف ثمارها السياسية؟ في الحقيقة لم تستخدم الصين اسلوب القوة او التهديد في اجبار البلدين على الموافقة على الصلح ولكن الظروف والحسابات السياسية من فعلت ذلك.

فالصلح مع ايران يعني خروج السعودية من مستنقع اليمن المكلف. ففي البداية ظنت السعودية ان حربها ضد انصار الله لن تأخذ وقتا طويلا وانها سوف تحقق نصرا سريعا وسهلا ولكن تحولت الحرب الى كارثة عسكرية واقتصادية وانسانية. ومستنقع انها كخزانة المملكة طيلة ثماني سنوات. ومنذ بداية الحرب عام الفين وخمسة عشر تنفق السعودية ما بين خمسة الى ستة مليارات دولار شهريا حتى هذه اللحظة في شراء السلاح ودعم الجيش السعودي وجيش الحكومة اليمنية المدعومة سعوديا في ضرب انصار الله.

بينما لا تنفق ايران اي تمويل رسمي لـــ الحوثيين. فيما تتهمها قوى دولية بينها السعودية التي تفرض حصارا شاملا على اليمن تتهمها بارسال الاسلحة الهندسية لجماعة انصار الله. والتي تعمل على تعليم انصار الله على صناعة الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة في حربهم ضد المملكة ولكن لم تتمكن الرياض من اثبات اي من ذلك حتى الان.

ماذا ستجنيه السعودية من صلحها مع ايران ؟

ومن اكبر اهداف السعودية ايقاف التهديدات الامنية لمنشآتها النفطية. في عام الفين وتسعة عشر تعرضت منشآت نفطية في السعودية لهجوم ادى الى نصف انتاج المملكة من النفط وتكرر الامر ذاته في عام الفين واثنين وعشرين. وبعيدا عن استهداف ارامكو ولا تستعد السعودية لانشاء مشروعات ضخمة لجذب السياح والمستثمرين وتنويع مصادر اقتصادها.

وبالتالي فان تلك التهديدات لا بد ان تتوقف باي شكل. ولا نغفل ايضا عن علاقة المملكة المتوترة مع المتحدة. فمنذ ان اعتلى الرئيس الامريكي جو بايدن رأس السلطة بدأ في انتقاد السعودية بشدة ووجه لها العديد من التصريحات الهجومية وقال انه سيعمل على اعادة تقييم العلاقات مع السعودية.

الامر الذي دفع السعودية لانتهاج سياسة اقل عدوانية مع ايران. فقد ايقنت السعودية ان الدعم الامريكي لها سيتوقف لا محالة وما هي الا مسألة وقته تبدأ السعودية صحوتها وتدق باب الصين. والهدف انشاء مصانع سلاح خاصة بها لتتخلص من شراء الاسلحة من امريكا ودول الغرب.

وبالتالي فهي تحتاج الى حليف قوي لها في المنطقة. على ان تكون علاقة هذا الحليف مع الولايات المتحدة ليست جيدة تماما. ونقصد هنا روسيا والصين. ولا نستبعد ان هذا التحالف لن يقف انشاء مصانع الاسلحة. فقد يتطور الامر الى مد السعودية باسلحة نووية.

ونحن نتحدث عن خارطة التحالفات الجديدة مستقبلا. كان هذا بعض ما ستجنيه السعودية من صلحها مع ايران.

ماذا ستجني ايران من هذا الصلح ؟

فماذا ستجني ايران من هذا الصلح ..استفادة ايران. اول الثمار التي ستجنيها ايران من صلحها مع السعودية هي انهاء عزلتها ومساعدة في ضائقتها الاقتصادية وكسر طوق الحصار الذي اطبقته امريكا على عنقها. فمع زيادة التدخل الايراني في العديد من دول المنطقة كالعراق وسوريا ولبنان واليمن ازدادت عزلة ايران الدولية وانهكت تلك التدخلات الاقتصاد الايراني بشكل كبير. الامر الذي دفع الكثيرين من الشعب الايراني للتظاهر ضد حكومته وزعزعة استقرار البلاد. وهنا ياتي دور الصلح السعودية التي كانت الداعمة الاساسية والدولي لهذه التظاهرات. وذلك حسب تصريح الرئيس الايراني.

بهذه الخطوة ستخفف العزلة الايرانية مع باقي دول المنطقة وستساعد السلطة في ايران على ان تثبت لشعبها ان الاوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشونها لا دخل لها بالتدخلات الايرانية في دول المنطقة المجاورة.

كما تريد ايران استغلال هذا الصلح التوصل لاتفاق نووي جيد بالنسبة لها. فايران ترى ان صلحها مع السعودية سيخفف عنها الكثير من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة عليها.

وبالتالي فعودة العلاقات مع السعودية تعد ورقة رابحة في ايدي ايران في مفاوضاتها النووية. وعلينا ايضا ان لا نغفل العلاقة مع اسرائيل. فايران تخشى انضمام السعودية الى الدول اعلنت تطبيع العلاقات مع اسرائيل وترى ان هذا الصلح قد يساعدها الى حد ما في ايقاف تطبيع السعودية مع اسرائيل وحرمان اسرائيل من تلك القوة التي كانت ستضاف لها اذا ما قررت السعودية انشاء علاقات طبيعية معها.

فوائد اخرى 

وبرغم ما سوف تجنيه السعودية وايران هناك دول عديدة اخرى ستجني ثمار هذا الصنع. فالصين وروسيا ستضمنان ضعف التدخل الامريكي في مناطق نفوذهما. لا سيما في وقت الحرب ضد اوكرانيا. وبلوغ علاقة الصين وروسيا مع الولايات المتحدة والغرب اقصى درجات الحدية والتوتر.

ولطالما استغلت الولايات المتحدة الخلاف السعودي الايراني في تفريق دول المنطقة. ولكن الان لا حلفاء اقوياء للولايات في الخليج فالكل اصبح ضد امريكا يبدو ان هذا الصلح الاقليمي سيكون له اثر عظيم في قلب موازين اكبر حرب يخوضها الغرب في القرن الواحد والعشرين.

 

التعليقات

اترك تعليقاً